الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3989 - "خياركم أحاسنكم قضاء للدين" ؛ (ت ن)؛ عن أبي هريرة ؛ (ح) .

التالي السابق


( خياركم أحاسنكم) ؛ وفي رواية: "أحسنكم"؛ (قضاء للدين ) ؛ بفتح الدال؛ بأن يرد أكثر مما عليه بحق؛ بغير شرط؛ ولا يمطل رب الدين؛ ولا يسوف به مع القدرة؛ ويقضيه جملة؛ لا مفرقا؛ قال الكرماني : "خياركم"؛ يحتمل كونه مفردا؛ بمعنى "المختار"؛ وكونه جمعا؛ فإن قلت: "أحسن"؛ كيف يكون خبرا له لأنه مفرد؟ قلت: أفعل التفضيل المقصود به الزيادة جائز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له؛ وهذا قاله حين استقرض؛ ورد خيرا مما أخذ؛ وذلك من مكارم أخلاقه؛ وليس هو من قرض جر نفعا للمقرض؛ لأن المنهي عنه ما شرط في عقد القرض؛ كشرط رد صحيح عن مكسر؛ أو رده بزيادة في الكم؛ أو الوصف؛ فلو فعل ذلك بلا شرط؛ كما هنا؛ جاز؛ بل ندب؛ عند الشافعي ؛ وقال المالكية : الزيادة في العد منهية؛ والخبر يرده هذا كله إن اقترض لنفسه؛ فإن اقترض لجهة وقف؛ أو محجور؛ لم يجز له رد زائدة؛ و"الخير"؛ و"الخيار"؛ يرجع إلى النفع؛ فخيار الناس من أنفع الناس للناس؛ فإن قلت: "هذا خير من هذا"؛ فمعناه: "أنفع لنفسه"؛ أو لغيره؛ وأشرف المنفعة ما تعلق بالخلق؛ لأن الحسنة المتعدية أفضل من القاصرة؛ وحسن المعاملة في الاقتضاء والقضاء يدل على فضل فاعل ذلك في نفسه ؛ وحسن خلقه؛ بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال؛ الذي هو معنى الدنيا.

(ت ن؛ عن أبي هريرة ) ؛ قال: استقرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ورد خيرا منه ؛ ثم ذكره؛ وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يتعرض الشيخان - ولا أحدهما - لتخريجه؛ وهو ذهول عجيب؛ فقد عزاه هو في الدرر إليهما معا؛ باللفظ المزبور؛ وقال الحافظ العراقي : متفق عليه.




الخدمات العلمية