1906 1907 1908 1909 1910 ص: وقد روي ذلك عن النبي - عليه السلام - أيضا من غير وجه.
حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي ، قال: ثنا خالد بن نزار ، عن القاسم بن مبرور ، عن يونس بن يزيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "شكى الناس إلى النبي - عليه السلام - قحوط المطر، فأمر النبي - عليه السلام - بمنبر فوضع في المصلى، ووعد الناس يخرجون يوما، قالت: عائشة - رضي الله عنها -: وخرج النبي - عليه السلام - حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنكم شكوتم إلي جدب جنابكم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله -عز وجل- أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين. ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى رأينا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب -أو حول- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، وأنشأ الله سحابة، فرعدت، وبرقت، وأمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى لثق الثياب على الناس وتسرعهم إلى الكن، ضحك حتى بدت نواجذه، وقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبد الله ورسوله". .
[ ص: 304 ] حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: حدثني أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال: " خرج النبي - عليه السلام - يوما يستسقي، فصلى بنا ركعتين بغير أذان ولا إقامة. قال: ثم خطبنا ودعا الله، وحول وجهه نحو القبلة ورفع يديه، وقلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن". .
حدثنا محمد بن النعمان السقطي ، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك وخالد بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب (ح).
وحدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن عباد بن تميم ، عن عمه وكان من أصحاب النبي - عليه السلام -: " أنه رأى النبي - عليه السلام - يوما خرج يستسقي، فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلى ركعتين يقرأ فيهما وجهر".
حدثنا يونس، قال: أبنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب ... ... ثم ذكر مثله بإسناده، غير أنه لم يذكر الجهر.
ففي هذه الآثار ذكر الخطبة مع ذكر الصلاة، فثبت بذلك أن في الاستسقاء خطبة غير أنه قد اختلف في خطبة النبي - عليه السلام - متى كانت؟ ففي حديث عائشة، وعبد الله بن زيد : - رضي الله عنهما - أنه خطب قبل الصلاة، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه خطب بعد الصلاة، فنظرنا في ذلك فوجدنا الجمعة فيها خطبة، وهي قبل الصلاة، ورأينا العيدين فيهما الخطبة، وهي بعد الصلاة كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فأردنا أن ننظر في خطبة الاستسقاء بأي الخطبتين هي أشبه فنعطف حكمها على حكمها؟ فرأينا خطبة الجمعة فرضا وصلاة الجمعة بها مضمنة لا تجزئ إلا بإصابتها، ورأينا خطبة العيدين ليست كذلك; لأن صلاة العيدين تجزئ وإن لم يكن معها خطبة، ثم رأينا صلاة الاستسقاء تجزئ أيضا وإن لم يخطب بعدها، ألا ترى أن إماما لو صلى بالناس في الاستسقاء ولم يخطب كانت صلاته مجزئة غير أنه قد
[ ص: 305 ] أساء في تركه الخطبة، فكانت بخطبة العيدين أشبه منها بحكم خطبة الجمعة، فالنظر على ذلك أن يكون موضعها من صلاة الاستسقاء مثل موضعها من صلاة العيدين، فدل ذلك أنها بعد الصلاة لا قبلها، وهذا مذهب أبي يوسف . -رحمه الله-.


