2018 2019 2020 2021 2022 ص: وقد روي ذلك عن جماعة من أصحاب النبي - عليه السلام -:
حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا وهب بن جرير ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي جمرة قال: "سألت ابن عباس عن الوتر فقال: إذا أوترت أول الليل فلا توتر آخره، وإذا أوترت آخره فلا توتر أوله. قال: وسألت عائذ بن عمرو فقال مثله".
حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو عامر العقدي ، قال: ثنا شعبة ، عن قتادة ومالك بن دينار ، أنهما سمعا خلاسا ، قال: "سمعت عمار بن ياسر - رضي الله عنه - وسأله رجل عن الوتر فقال: أما أنا فأوتر ثم أنام، فإن قمت صليت ركعتين".
وهذا عندنا معنى حديث همام، ، عن قتادة ، الذي ذكرناه في الفصل الأول، كان في ذلك: "إذا قمت شفعت"، فاحتمل ذلك أن يكون يشفع بركعة كما كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يفعل.
ويحتمل أن يكون يصلي شفعا، . ففي حديث شعبة قد بين أن معنى قوله: "شفعت" أي صليت شفعا شفعا ، ولم أنقض الوتر.
[ ص: 425 ] حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو داود ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد ابن جبير قال: " ذكر عند عائشة - رضي الله عنها - نقض الوتر، ، فقالت: لا وتران في ليلة". " .
حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا عبد الله بن حمران ، قال: ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عمر بن الحكم ، أن أبا هريرة قال: "لو جئت بثلاثة أبعرة فأنختها، ثم جئت ببعيرين فأنختهما، أليس كان يكون ذلك وترا؟ ؟ " ، قال: وكان يضرب ذلك مثلا لنقض الوتر".
قال أبو جعفر -رحمه الله-: وهذا عندنا كلام صحيح، ومعناه: أن ما صليت بعد الوتر من الإشفاع فهو مع الوتر الذي أوترته وترا". حدثنا يونس ، قال: ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن زيد بن أسلم ، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب: " أنه سأل أبا هريرة: كيف كان النبي - عليه السلام - يوتر؟ فقال: إن شئت أخبرتك كيف أصنع أنا؟ قلت: أخبرني. قال: إذا صليت العشاء صليت بعدها خمس ركعات، ثم أنام، فإن قمت من الليل صليت مثنى مثنى، فإن أصبحت أصبحت على وتر".
فهذا ابن عباس: وعائذ بن عمرو ، وعمار ، وأبو هريرة وعائشة - رضي الله عنهم - لا يرون التطوع بعد الوتر ، ينقض الوتر، فهذا أولى عندنا مما روي عمن خالفهم; إذ كان ذلك موافقا لما روي عن النبي - عليه السلام - من فعله وقوله، والذي روى عن الآخرين أيضا فليس له أصل في النظر; لأنهم إذا كانوا أرادوا أن يتطوعوا صلوا ركعة فيشفعون بها وترا متقدما قد قطعوا فيما بينه وبين ما شفعوا به بكلام وعمل ونوم، وهذا لا أصل له في الإجماع فيعطف عليه هذا الاختلاف، فلما كان ذلك كذلك وقد خالفه من أصحاب النبي - عليه السلام - من ذكرنا، وروي عن النبي - عليه السلام - أيضا خلافه; انتفى ذلك ولم يجز العمل به.
وهذا القول الذي بينا هو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله.


