2393 ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر ، قال: ثنا شعبة ، قال: أخبرني سليمان ، عن عمارة بن عمير أو إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله قال: "صلينا مع رسول الله - عليه السلام - بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين،

[ ص: 324 ] ومع عمر ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".

حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد ، قال: أنا حفص ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله مثله، غير أنه لم يذكر قول عبد الله : "فليت حظي. . . " إلى آخر الحديث.

حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن عبد السلام ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود : "أن رسول الله - عليه السلام - كان يصوم في السفر ويفطر ويصلي الركعتين لا يدعهما" يعني لا يزيد عليهما.

التالي السابق

الشرح

ش: هَذِهِ ثَلَاثُ أَسَانِيدَ وَهِيَ صِحَاحٌ:

الْأَوَّلُ: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ الْكُوفِيِّ رَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ.

أَوْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ : ثَنَا قُتَيْبَةُ ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: "صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ".

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ أَيْضًا.

[ ص: 325 ] قَوْلُهُ: "بِمِنًى" وَهِيَ قَرْيَةٌ تُذْبَحُ بِهَا الضَّحَايَا وَتُرْمَى بِهَا الْجَمَرَاتُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ: هِيَ تَقَعُ قُرْبَ مَكَّةَ.

وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ : مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ مَقْصُورٌ مُذَكَّرٌ يُصْرَفُ، وَقَدِ امْتَنَى الْقَوْمُ إِذَا أَتَوْا مِنًى. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : أَمْنَى الْقَوْمُ.

وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ : لَيْسَتْ مِنًى وَلَا عَرَفَاتٌ مِنْ مَكَّةَ بَلْ هُمَا خَارِجَانِ مِنْ مَكَّةَ.

قُلْتُ: إِذَا وَقَعَ اسْمُ مَكَّةَ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ تَكُونُ مِنًى مِنْ مَكَّةَ ; لِأَنَّ مِنًى دَاخِلٌ فِي الْحَرَمِ، وَإِذَا وَقَعَ عَلَى نَفْسِ الْبُنْيَانِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ خَاصَّةً يَكُونُ مِنًى خَارِجًا عَنْهَا ; وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ، وَلِهَذَا الْحَرَمُ كُلُّهُ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْآفَاقِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : سُمِّيَتْ مِنًى لِأَنَّهُ مُنِيَ بِهَا الْكَبْشُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَكُونُ مِنَ الْمَنِيَّةِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ مِنًى لِمَا يُمْنَى فِيهَا مِنَ الشَّعْرِ وَالدَّمِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَتَى آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِنًى قَالَ لَهُ: تَمَنَّ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِضُ: لَامُهُ "يَاءٌ" مِنْ مَنَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَدَّرْتَهُ، وَهِيَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، فَمَنْ أَنَّثَ لَمْ يَجُرَّهُ وَيَقُولُ هَذِهِ مِنًى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ : الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ.

وَذَكَّرَهُ الْقَزَّازُ وَصَاحِبُ الْوَافِي وَصَاحِبُ "الصِّحَاحِ" فِي الْمُعْتَلِّ بِالْأَلِفِ.

وَبَيْنَ مِنًى وَمَكَّةَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَبَيْنَ مِنًى وَالْمُزْدَلِفَةِ فَرْسَخٌ وَبَيْنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ فَرْسَخٌ فَتَكُونُ الْمُزْدَلِفَةُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ مِنًى وَعَرَفَاتٍ، وَبَيْنَ عَرَفَاتٍ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، وَيُقَالُ: الْأَصَحُّ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ.

الثَّانِي: عَنْ فَهْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ . . . إِلَى آخِرِهِ.

[ ص: 326 ] وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، ثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَكْعَتَيْنِ".

الثَّالِثُ: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ بَكَّارٍ الْقَاضِي ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ رَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَحَدِ مَشَايِخِ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ .

وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ": عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ ... إِلَى آخِرِهِ، وَلَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ الصَّوْمِ، وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إِلَّا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَلَا نَعْلَمُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

ش: هذه ثلاث أسانيد وهي صحاح:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن بشر بن عمر الزهراني ، عن شعبة ، عن سليمان الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي الكوفي روى له الجماعة.

أو عن إبراهيم النخعي ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

وأخرجه البخاري : ثنا قتيبة ، قال: ثنا عبد الواحد ، عن الأعمش ، قال: ثنا إبراهيم، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول: "صلى بنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله - عليه السلام - بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".

وأخرجه مسلم وأبو داود أيضا.

[ ص: 325 ] قوله: "بمنى" وهي قرية تذبح بها الضحايا وترمى بها الجمرات.

وقال أبو بكر الحازمي: هي تقع قرب مكة.

وقال أبو نصر : موضع بمكة مقصور مذكر يصرف، وقد امتنى القوم إذا أتوا منى. وقال ابن الأعرابي : أمنى القوم.

وقال ابن خزيمة : ليست منى ولا عرفات من مكة بل هما خارجان من مكة.

قلت: إذا وقع اسم مكة على جميع الحرم تكون منى من مكة ; لأن منى داخل في الحرم، وإذا وقع على نفس البنيان المتصل بعضه ببعض خاصة يكون منى خارجا عنها ; ولكن الأول أظهر، ولهذا الحرم كله قبلة لأهل الآفاق.

وقال الكلبي : سميت منى لأنه مني بها الكبش الذي فدي به إسماعيل - عليه السلام - فيكون من المنية، ويقال: سميت منى لما يمنى فيها من الشعر والدم.

ويقال: إن جبريل - عليه السلام - لما أتى آدم - عليه السلام - بمنى قال له: تمن.

وقال أبو علي الفارض: لامه "ياء" من منيت الشيء إذا قدرته، وهي تذكر وتؤنث، فمن أنث لم يجره ويقول هذه منى، وقال الفراء : الأغلب عليه التذكير.

وذكره القزاز وصاحب الوافي وصاحب "الصحاح" في المعتل بالألف.

وبين منى ومكة ثلاثة أميال، وبين منى والمزدلفة فرسخ وبين المزدلفة وبين عرفات فرسخ فتكون المزدلفة متوسطة بين منى وعرفات، وبين عرفات وبين مكة أربعة فراسخ، ويقال: الأصح ثلاثة فراسخ.

الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن محمد بن سعيد الأصبهاني ، عن حفص بن غياث ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم النخعي ، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي . . . إلى آخره.

[ ص: 326 ] وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "صلى عثمان بمنى أربعا، فقال عبد الله : صليت مع النبي - عليه السلام - ركعتين ومع أبي بكر - رضي الله عنه - ركعتين ومع عمر - رضي الله عنه - ركعتين".

الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن روح بن عبادة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن عبد السلام بن حرب روى له الجماعة، عن حماد بن أبي سليمان أحد مشايخ أبي حنيفة ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس النخعي ، عن عبد الله .

وأخرجه البزار في "مسنده": عن محمد بن عبد الرحيم ومحمد بن سعيد كلاهما عن روح بن عبادة ... إلى آخره، ولكنه اقتصر على حكم الصوم، وقال: هذا الحديث لا نعلم رواه عن عبد السلام هذا إلا ابن أبي عروبة ولا نعلم يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.