الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2225 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال: "قام رجل فقال: يا رسول الله، أنصلي في ثوب واحد؟ فقال: أوكلكم يجد ثوبين؟ ".

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب (ح).

                                                وحدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قالا: ثنا هشام بن حسان ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - مثله.

                                                حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج ومالك ومحمد بن أبي حفصة، قالوا: ثنا ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة حدثه، عن رسول الله - عليه السلام -. قال أبو هريرة: فلعمري إني لأترك ثيابي في المشجب وأصلي في الثوب الواحد".

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب ... فذكر بإسناده مثله ولم يذكر قول أبي هريرة عن النبي - عليه السلام -.

                                                [ ص: 97 ] حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي واحتج الجماعة الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث أبي هريرة وغيره على ما يجيء.

                                                وأخرجه من ستة طرق صحاح:

                                                الأول: عن محمد بن عمرو بن يونس التغلبي المعروف بالسوسي ، عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير ، عن عاصم بن سليمان الأحول ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال: "سئل النبي - عليه السلام - عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان؟ ".

                                                وأخرجه الجماعة إلا الترمذي على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

                                                الثاني: عن أبي بكرة بكار ، عن وهب بن جرير ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه الدارمي في "مسنده": أنا سعيد بن عامر ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة: "أن رجلا قال: يا رسول الله، أيصلي الرجل في الثوب الواحد؟ قال: أوكلكم يجد ثوبين؟ أولكلكم ثوبان؟ ".

                                                الثالث: عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن عبد الله بن بكر السهمي ، عن هشام ... إلى آخره.

                                                وأخرجه البيهقي نحوه.

                                                [ ص: 98 ] الرابع: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن روح بن عبادة ، عن عبد الملك بن جريج المكي ومالك بن أنس ومحمد بن أبي حفصة وهو محمد بن ميسرة البصري، كلهم عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه مالك في "موطئه".

                                                الخامس: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة ... إلى آخره نحو الحديث المذكور، ولم يذكر قول أبي هريرة: "فلعمري إني لأترك ثيابي. . . " إلى آخره عن النبي - عليه السلام -.

                                                وأخرجه مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة: "أن سائلا سأل رسول الله - عليه السلام - عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان؟! ".

                                                حدثني حرملة بن يحيى، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس .

                                                وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: حدثني عقيل بن خالد كلاهما، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام -.

                                                وأخرجه البخاري: عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب نحوه.

                                                وأخرجه أبو داود: عن القعنبي ، عن مالك. [ ص: 99 ] والنسائي: عن قتيبة بن سعيد ، عن مالك .

                                                وابن ماجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار كلاهما، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة نحوه.

                                                السادس: عن حسين بن نصر ، عن يزيد بن هارون الواسطي شيخ أحمد ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام -.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده".

                                                قوله: "أولكلكم" الهمزة فيه للاستفهام، واعلم أن اللفظ وإن كان لفظ الاستفهام ولكن المعنى الإخبار عما كان يعلمه - عليه السلام - من حالهم في العدم وضيق الثياب، يقول: فإذا كنتم بهذه الصفة وليس لكل واحد منكم ثوبان، والصلاة واجبة عليكم، فاعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة.

                                                وقال القاضي عياض: وقول النبي - عليه السلام -: "أولكلكم ثوبان" أو "يجد ثوبين" صيغته صيغة الاستفهام ومعناه التقرير والإخبار عن معهود حالهم، وضمنه دليل على الرخصة، وتنبيه على أن الثوبين أفضل وأتم، وهو المفهوم منه عند أكثر العلماء.

                                                قلت: ذهب الطحاوي والتاجي أيضا إلى أن مفهومه التسوية بين الصلاة في الثوب الواحد مع وجود غيره أو عدمه في الإجزاء.

                                                قوله: "في المشجب" بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الجيم، وهو واحد المشاجب، وهي عيدان تنصب وتعلق عليها الثياب وقرب الماء.

                                                [ ص: 100 ] قال ابن الأثير: المشجب -بكسر الميم- عيدان تضم رءوسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب، وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء، وهو من تشاجب الأمر إذا اختلط، انتهى.

                                                قلت: هي بالفارسية تسمى: سرياني وهو الذي يقال له بين الترك: سيبه، فافهم.




                                                الخدمات العلمية