الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2326 ص: فإن اعتل في هذا معتل أن عبد الله إنما فعل ذلك لأنه صار هو وأصحابه صفا.

                                                قيل له: ففد روي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل قال: "رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والناس ركوع، فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل الصف وهو راكع كبر فركع، ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف".

                                                حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، قال: حدثني مالك وابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب . . . فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا ابن أبي الزناد ، قال: أخبرني أبي، عن خارجة بن زيد بن ثابت : "أن زيد بن ثابت كان يركع على عتبة المسجد ووجهه إلى القبلة، ثم يمشي معترضا على شقه الأيمن، ثم يعتد بها إن وصل إلى الصف أو لم يصل".

                                                [ ص: 214 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 214 ] ش: أي فإن اعتل في ما روي من أثر ابن مسعود معتل أن عبد الله بن مسعود إنما فعل ذلك أي ما روي عنه من ركوعه دون الصف ثم مشيه إلى الصف واعتداده بتلك الركعة التي وقعت دون الصف ; لأنه صار هو أي عبد الله وأصحابه صفا واحدا.

                                                بيانه: أن ما رويتم من ذلك لا يصلح حجة لما ذهبتم إليه ; لأن عبد الله بن مسعود وأصحابه كانوا صفا واحدا، فيكون ركوعهم في صف، وهذا خلاف ما ذهبتم إليه.

                                                والمعتل ها هنا اسم فاعل من اعتل، وأصله معتلل -بكسر اللام وبفتحها- يكون اسم مفعول، فأدغمت اللام في اللام للموجب لذلك، ولا يفرق بين الفاعل والمفعول في مثل ذلك لفظا ويفرق بالقرينة، فافهم.

                                                وأجاب عنه بقوله: "قيل له" أي لهذا المعتل: "فقد روي عن زيد بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - في ذلك" أي فيما ذكرنا.

                                                وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري من كبار التابعين روى له الجماعة، واسمه سعد ، وقيل: سعيد ، وقيل: اسمه كنيته.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي أمامة : "أن زيد ابن ثابت ركع قبل أن يصل إلى الصف ثم مشى راكعا".

                                                الثاني: عن يونس أيضا، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري . . . إلى آخره.

                                                وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه": عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي أمامة [ ص: 215 ] ابن سهل بن حنيف قال: "رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع، فاستقبل، ثم ركع ثم دب راكعا حتى وصل إلى الصف".

                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ البخاري ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه أبي الزناد -بالنون- اسمه عبد الله بن ذكوان ، عن خارجة بن زيد بن ثابت : "أن زيد بن ثابت . . . " إلى آخره.

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن موهب ، عن كثير بن أفلح ، عن زيد بن ثابت : "أنه دخل والقوم ركوع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف".

                                                قوله: "ثم يعتد بها" أي بتلك الركعة التي ركعها على عتبة المسجد سواء وصل إلى الصف أو لم يصل.




                                                الخدمات العلمية