[ ص: 235 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء، فأتى امرأته حين قدم، فقال: اجمعي لي ما كان عندك، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه، فإنهم قد استبيحوا، وأصيبت أموالهم. قال: ففشا ذلك بمكة، فانقمع المسلمون، وأظهر المشركون فرحا وسرورا. قال: وبلغ الخبر فأذن له فعقر، وجعل لا يستطيع أن يقوم. العباس
قال فأخبرني معمر: عثمان الجزري عن مقسم، قال: فأخذ ابنا له يقال له: قثم، فاستلقى، فوضعه على صدره وهو يقول:
حبي قثم شبيه ذي الأنف الأشم نبي ذي النعم برغم من رغم
قال ثابت، عن ثم أرسل غلاما إلى أنس: الحجاج بن علاط: ويلك! ما جئت به؟ وماذا تقول؟ فما وعد الله خير مما جئت به. قال الحجاج بن علاط لغلامه: اقرأ على أبي الفضل السلام، وقل له: فليخل لي في بعض بيوته لآتيه، فإن الخبر على ما يسره، فجاء غلامه، فلما بلغ باب الدار، قال: أبشر يا أبا الفضل. قال: فوثب فرحا حتى قبل بين عينيه، فأخبره ما قال العباس الحجاج، فأعتقه. قال: ثم جاءه الحجاج، فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر، وغنم أموالهم، وجرت سهام الله في أموالهم، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتخذها لنفسه، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته، أو تلحق بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته، ولكني جئت لمال كان لي هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن لي أن أقول ما شئت، فأخف عني ثلاثا، ثم اذكر ما بدا لك. قال: فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع، فجمعته فدفعته إليه، ثم انشمر به. صفية بنت حييفلما كان بعد ثلاث، أتى امرأة العباس الحجاج، فقال: ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا، وقالت: " لا يحزنك الله يا أبا الفضل، لقد شق علينا الذي بلغك. قال: أجل لا يحزني الله، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا: فتح الله خيبر على رسوله صلى الله عليه وسلم وجرت فيها سهام الله، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 236 ] لنفسه، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به. قالت: أظنك والله صادقا، قال: فإني صادق، الأمر على ما أخبرتك. صفية بنت حيي
فذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم: " لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل. قال لهم: لم يصبني إلا خير بحمد الله، قد أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر قد فتحها الله على رسوله، وجرت فيها سهام الله، واصطفى لنفسه، وقد سألني أن أخفي عليه ثلاثا، وإنما جاء ليأخذ ماله، وما كان له من شيء هاهنا، ثم يذهب. صفية
قال: فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا فأخبرهم الخبر، فسر المسلمون، ورد ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين. العباس، لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم