الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12454 5677 - (12865) - (3\181) عن أنس بن مالك، قال: تزوج أبو طلحة أم سليم، وهي أم أنس والبراء. قال: فولدت له بنيا، قال: فكان يحبه حبا شديدا، قال: فمرض الغلام مرضا شديدا، فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي معه، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار، فيجيء فيقيل ويأكل، فإذا صلى الظهر، تهيأ وذهب، فلم يجئ إلى صلاة العتمة.

قال: فراح عشية، ومات الصبي، قال: وجاء أبو طلحة، قال: فسجت عليه

[ ص: 351 ] ثوبا وتركته، قال: فقال لها أبو طلحة: يا أم سليم! كيف بات بني الليلة؟ قالت: يا أبا طلحة! ما كان ابنك منذ اشتكى أسكن منه الليلة. قال: ثم جاءته بالطعام، فأكل وطابت نفسه، قال: فقام إلى فراشه، فوضع رأسه. قالت: وقمت أنا فمسست شيئا من طيب، ثم جئت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب، كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله.

قال: ثم أصبح أبو طلحة يتهيأ كما كان يتهيأ كل يوم، قال: فقالت له: يا أبا طلحة! أرأيت لو أن رجلا استودعك وديعة فاستمتعت بها، ثم طلبها فأخذها منك، تجزع من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن ابنك قد مات. قال أنس: فجزع عليه جزعا شديدا، وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من أمره في الطعام والطيب، وما كان منه إليها. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " : " هيه، فبتما عروسين وهو إلى جنبكما! " ، قال: نعم يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بارك الله لكما في ليلتكما " .

قال: فحملت أم سليم تلك الليلة،
قال: فتلد غلاما، قال: فحين أصبحنا قال لي أبو طلحة: احمله في خرقة حتى تأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحمل معك تمر عجوة. قال: فحملته في خرقة، قال: ولم يحنك، ولم يذق طعاما ولا شيئا. قال: فقلت: يا رسول الله! ولدت أم سليم. قال: " الله أكبر، ما ولدت؟ " ، قلت: غلاما. قال: " الحمد لله " ، فقال: " هاته إلي " ، فدفعته إليه، فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال له: " معك تمر عجوة؟ " قلت: نعم. فأخرجت تمرا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة، وألقاها في فيه، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوكها حتى اختلطت بريقه، ثم دفع الصبي، فما هو إلا أن وجد الصبي حلاوة التمر، جعل يمص حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول ما تفتحت أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حب الأنصار التمر " . فسمي

[ ص: 352 ] عبد الله بن أبي طلحة. قال: فخرج منه رجل كثير، قال: واستشهد عبد الله بفارس.


التالي السابق


* قوله : " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هيه " : بالكسر - كأنه كلمة تعجب.

* " فحنكه " : أي: أراد تحنيكه، ويحتمل أنه حنكه بلا تمر، ثم ألقى التمر في فيه، والله تعالى أعلم، وقد سبق شرح هذا الحديث.

* * *




الخدمات العلمية