باب وغيره التثبيت في الحكم
( قال ) رحمه الله تعالى : قال الله تعالى { الشافعي يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } الآية وقال { إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } ( قال ) رحمه الله تعالى : فأمر الله من يمضي أمره على أحد من عباده أن يكون مستبينا قبل أن يمضيه ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحكم خاصة أن لا يحكم الحاكم وهو غضبان لأن الغضبان مخوف على أمرين . الشافعي
أحدهما قلة التثبت ، والآخر أن الغضب قد يتغير معه العقل ويتقدم به صاحبه على ما لم يكن يتقدم عليه لو لم يكن غضب ( أخبرنا الربيع ) قال : ( أخبرنا ) قال : أخبرنا الشافعي عن ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { عبد الرحمن بن أبي بكرة } ( قال لا يحكم الحاكم ، أو لا يقضي القاضي بين [ ص: 100 ] اثنين وهو غضبان ) رحمه الله تعالى : ومعقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنه أراد أن يكون القاضي حين يحكم في حال لا تغير خلقه ولا عقله ، والحاكم أعلم بنفسه فأي حال أتت عليه تغير خلقه ، أو عقله انبغى له أن لا يقضي حتى تذهب وأي حال صيرت إليه سكون الطبيعة واجتماع العقل انبغى له أن يتعاهدها فيكون حاكما عندها ، وقد روي عن الشافعي الشعبي ، وكان قاضيا أنه رئي أنه يأكل خبزا بجبن فقيل له : فقال آخذ حكمي كأنه يريد أن الطعام يسكن حر الطبيعة وأن الجوع يحرك حرها وتتوق النفس إلى المأكل فيشتغل عن الحكم ، وإذا كان مريضا شقيحا ، أو تعبا شقيحا فكل هذا في حال الغضب في بعض أمره ، أو أشد يتوقى الحكم ويتوقاه على الملالة فإن العقل يكل مع الملالة وجماعه ما وصفت .