باب في الأقضية ( قال ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { الشافعي يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب } وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم في أهل الكتاب { فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } إلى { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين } وقال { وأن احكم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك } وقال { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } ( قال ) رحمه الله تعالى : فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن فرضا عليه وعلى من قبله والناس إذا حكموا أن يحكموا بالعدل ، والعدل اتباع حكمه المنزل قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم حين أمره الشافعي أهل الكتاب { بالحكم بين وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ووضع الله نبيه صلى الله عليه وسلم من دينه وأهل دينه موضع الإبانة عن كتاب الله عز وجل معنى ما أراد الله وفرض طاعته فقال { من يطع الرسول فقد أطاع الله } وقال { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } الآية .
وقال { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } الآية .
فعلم أن الحق كتاب الله ، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بهما ولا أن يخالفهما ولا واحدا منهما بحال فإذا خالفهما فهو عاص لله عز وجل وحكمه مردود فإذا لم يوجدا منصوصين فالاجتهاد بأن يطلبا كما يطلب الاجتهاد بأن يتوجه إلى البيت وليس لأحد أن يقول مستحسنا على غير الاجتهاد كما ليس لأحد إذا غاب البيت عنه أن يصلي حيث أحب ولكنه يجتهد في التوجه إلى البيت . فليس لمفت ولا لحاكم أن يفتي ولا يحكم حتى يكون عالما
وهذا موضوع بكماله في كتاب جماع علم الكتاب ، ثم السنة .