باب المني
( قال ) رحمه الله تعالى بدأ الله عز وجل خلق الشافعي آدم من ماء وطين وجعلهما معا طهارة وبدأ خلق ولده من ماء دافق فكان في ابتدائه خلق آدم من الطهارتين اللتين هما الطهارة دلالة أن لا يبدأ خلق غيره إلا من طاهر لا من نجس ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل ذلك ( قال ) أخبرنا الشافعي عن عمرو بن أبي سلمة الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عن { القاسم بن محمد قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة } ( قال ) الشافعي فإن قيل : فلم يفرك أو يمسح ؟ قيل : كما يفرك المخاط ، أو البصاق ، أو الطين والشيء من الطعام يلصق بالثوب تنظيفا لا تنجيسا فإن والمني ليس بنجس فلا بأس ولا ينجس شيء منه من ماء ولا غيره أخبرنا صلى فيه قبل أن يفرك ، أو يمسح الربيع بن سليمان قال ( قال ) إملاء كل الشافعي فهو نجس كله ما خلا المني والمني الثخين الذي يكون منه الولد الذي يكون له رائحة كرائحة الطلع ليس لشيء يخرج من ذكر رائحة طيبة غيره وكل ما مس ما سوى المني مما خرج ما خرج من ذكر من رطوبة بول ، أو مذي أو ودي أو ما لا يعرف ، أو يعرف
[ ص: 73 ] من ذكر من ثوب أو جسد ، أو غيره فهو ينجسه وقليله وكثيره سواء فإن استيقن أنه أصابه غسله ولا يجزئه غير ذلك فإن لم يعرف موضعه غسل الثوب كله وإن غسل الموضع وأكثر منه إن عرف الموضع ولم يعرف قدر ذلك عالما ، أو جاهلا فسواء إلا في المأثم فإنه يأثم بالعلم ولا يأثم في الجهل وعليه أن يعيد صلاته ومتى قلت يعيد فهو يعيد الدهر كله ; لأنه لا يعدو إذا صلى أن تكون صلاته مجزئة عنه فلا إعادة عليه فيما أجزأ عنه في وقت ولا غيره ، أو لا تكون مجزئة عنه بأن تكون فاسدة وحكم صلى في الثوب قبل أن يغسله حكم من لم يصل فيعيد في الدهر كله وإنما قلت في المني إنه لا يكون نجسا خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعقولا فإن قال قائل : ما الخبر ؟ قلت أخبرنا من صلى صلاة فاسدة عن سفيان بن عيينة منصور عن إبراهيم عن عن { همام بن الحارث قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه عائشة } ( قال ) أخبرنا الشافعي عن يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم عن علقمة أو الأسود " شك الربيع " عن { قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه عائشة } ( قال الربيع ) وحدثنا ( قال يحيى بن حسان ) أخبرنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار كلاهما يخبر عن وابن جريج عن عطاء أنه قال في المني يصيب الثوب أمطه عنك قال أحدهما بعود ، أو إذخرة وإنما هو بمنزلة البصاق ، أو المخاط . ابن عباس
( قال ) أخبرنا الثقة عن الشافعي عن جرير بن عبد الحميد منصور عن قال أخبرني مجاهد مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان إذا أصاب ثوبه المني إن كان رطبا مسحه وإن كان يابسا حته ثم صلى فيه .
( قال ) فإن قال قائل فما المعقول في أنه ليس بنجس فإن الله عز وجل بدأ خلق الشافعي آدم من ماء وطين وجعلهما جميعا طهارة ، الماء ، والطين في حال الإعواز من الماء طهارة ، وهذا أكثر ما يكون في خلق أن يكون طاهرا وغير نجس وقد خلق الله تبارك وتعالى بني آدم من الماء الدافق فكان جل ثناؤه أعز وأجل من أن يبتدئ خلقا من نجس مع ما وصفت مما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر عن عائشة وابن عباس مع ما وصفت مما يدركه العقل من أن ريحه وخلقه مباين خلق ما يخرج من ذكر وريحه فإن قال قائل فإن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : اغسل ما رأيت وانضح ما لم تر فكنا نغسله بغير أن نراه نجسا ونغسل الوسخ والعرق وما لا نراه نجسا ولو قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : إنه نجس لم يكن في قول أحد حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ما وصفنا مما سوى ما وصفنا من المعقول وقول من سمينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قال قائل فقد يؤمر بالغسل منه قلنا : الغسل ليس من نجاسة ما يخرج إنما الغسل شيء تعبد الله به الخلق - عز وجل - فإن قال قائل ما دل على ذلك ؟ قيل أرأيت الرجل إذا غيب ذكره في الفرج الحلال ولم يأت منه ماء فأوجبت عليه الغسل ، وليست في الفرج نجاسة وإن غيب ذكره في دم خنزير ، أو خمر ، أو عذرة وذلك كله نجس أيجب عليه الغسل ؟ فإن قال : لا قيل : فالغسل إن كان إنما يجب من نجاسة كان هذا أولى أن يجب عليه الغسل مرات ومرات من الذي غيبه في حلال نظيف ولو كان يكون لقذر ما يخرج منه كان الخلاء والبول أقذر منه ثم ليس يجب عليه غسل موضعهما الذي خرجا منه ويكفيه من ذلك المسح بالحجارة ولا يجزئه في وجهه ويديه ورجليه ورأسه إلا الماء ولا يكون عليه غسل فخذيه ولا أليتيه سوى ما سميت ولو كان كثرة الماء إنما تجب لقذر ما يخرج كان هذان أقذر وأولى أن يكون على صاحبهما الغسل مرات وكان مخرجهما أولى بالغسل من الوجه الذي لم يخرجا منه ولكن إنما أمرنا بالوضوء لمعنى تعبد ابتلى الله به طاعة العباد لينظر من يطيعه منهم ومن يعصيه لا على [ ص: 74 ] قذر ولا نظافة ما يخرج فإن قال قائل فإن وسعد بن أبي وقاص روى عن أبيه عن عمرو بن ميمون { سليمان بن يسار أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة } قلنا : هذا إن جعلناه ثابتا فليس بخلاف لقولها كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه كما لا يكون غسله قدميه عمره خلافا لمسحه على خفيه يوما من أيامه وذلك أنه إذا مسح علمنا أنه تجزئ الصلاة بالمسح وتجزئ الصلاة بالغسل وكذلك تجزئ الصلاة بحته وتجزئ الصلاة بغسله لا أن واحدا منهما خلاف الآخر مع أن هذا ليس بثابت عن عن هم يخافون فيه غلط عائشة إنما هو رأي عمرو بن ميمون كذا حفظه عنه الحفاظ أنه قال غسله أحب إلي وقد روي عن سليمان بن يسار خلاف هذا القول ولم يسمع عائشة سليمان علمناه من حرفا قط ولو رواه عنها كان مرسلا عائشة