كتاب الجنائز باب . ما جاء في غسل الميت
أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا قال قال الشافعي : ليس لغسل الميت حد ينتهي لا يجزئ دونه ، ولا يجاوز ، ولكن يغسل فينقى وأخبرنا مالك بن أنس عن مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أم عطية { } ( قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل بنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور ) : وعاب بعض الناس هذا القول على الشافعي ، وقال : سبحان الله كيف لم يعرف أهل مالك المدينة غسل الميت ، والأحاديث فيه كثيرة ؟ ثم ذكر أحاديث عن إبراهيم فرأى ، وابن سيرين معانيها على إنقاء الميت لأن روايتهم جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل ، وما يغسل به ، فقال : غسل فلان فلانا بكذا وكذا : وقال : غسل فلان بكذا وكذا ثم ورأينا ، والله أعلم ذلك على قدر ما يحضرهم مما يغسل به الميت [ ص: 302 ] وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك اختلاف الحالات ، وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم فقال مالك قولا مجملا " يغسل فينقى " وكذلك روي الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وروي الغسل مجملا . مالك
وذلك كله يرجع إلى الإنقاء وإذا أنقي الميت بماء قراح أو ماء عد أجزأه ذلك من غسله كما ننزل ونقول معهم في الحي ، وقد روي فيه صفة غسله ( قال ) : ولكن أحب إلي أن يغسل ثلاثا بماء عد لا يقصر عن ثلاث لما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الشافعي } ، وإن لم ينقه ثلاثا أو خمسا ؟ قلنا يزيدون حتى ينقوها ، وإن أنقوا في أقل من ثلاث أجزأه ، ولا نرى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو على معنى الإنقاء إذ قال وترا ثلاثا أو خمسا ولم يوقت أخبرنا بعض أصحابنا عن اغسلنها ثلاثا عن ابن جريج أبي جعفر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل ثلاثا } ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الثقة عن الشافعي قال : يجزئ في غسل الميت مرة فقال عطاء ليس فيه شيء مؤقت ، وكذلك بلغنا عن عمر بن عبد العزيز ثعلبة بن أبي مالك ( قال ) : والذي أحب من غسل الميت أن يوضع على سرير الموتى ، ويغسل في قميص أخبرنا الشافعي عن مالك جعفر بن محمد عن أبيه { } ( قال ) : فإن لم يغسل في قميص ألقيت على عورته خرقة لطيفة تواريها ، ويستر بثوب ، ويدخل بيتا لا يراه إلا من يلي غسله ويعين عليه ، ثم يصب رجل الماء إذا وضع الذي يلي غسله على يده خرقة لطيفة فيشدها ثم يبتدئ بسفلته ينقيها كما يستنجي الحي ثم ينظف يده ثم يدخل التي يلي بها سفله فإن كان يغسله واحد أبدل الخرقة التي يلي بها سفلته ، وأخذ خرقة أخرى نقية فشدها على يده ثم صب الماء عليها ، وعلى الميت ثم أدخلها في فيه بين شفتيه ، ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء ، ويدخل أطراف أصابعه في منخريه بشيء من ماء فينقي شيئا إن كان هنالك ثم يوضئه وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ولحيته بالسدر فإن كان ملبدا فلا بأس أن يسرح بأسنان مشط مفرجة ، ولا ينتف شعره ثم يغسل شقه الأيمن ما دون رأسه إلى أن يغسل قدمه اليمنى ، ويحركه حتى يغسل ظهره كما يغسل بطنه ثم يتحول إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك ، ويقلبه على أحد شقيه إلى الآخر كل غسله حتى لا يبقى منه موضع إلا أتى عليه بالماء والسدر ثم يصنع به ذلك ثلاثا أو خمسا ثم يمر عليه الماء القراح قد ألقي فيه الكافور ، وكذلك في كل غسله حتى ينقيه ويمسح بطنه مسحا رقيقا ، والماء يصب عليه ليكون أخفى لشيء إن خرج منه . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص
( قال ) : وغسل المرأة شبيه بما وصفت من غسل الرجل ( قال ) : وقال بعض الناس يغسل الأول بماء قراح ، ولا يعرف زعم الكافور في الماء ، أخبرنا الشافعي الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن مالك أيوب بن أبي تميمة عن عن محمد بن سيرين قالت : { أم عطية الأنصارية } ( قال دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور ) : وإن كانت امرأة ضفروا شعر رأسها كله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون ثم ألقيت خلفها ( قال الشافعي ) : وأنكر هذا علينا بعض الناس فقال يسدل شعرها من بين ثدييها ، وإنما نتبع في هذه الآثار ، ولو قال قائل : تمشط برأيه ما كان إلا كقول هذا المنكر علينا ، أخبرنا الثقة من أصحابنا عن الشافعي عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين رضي الله عنها قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها ( قال أم عطية الأنصارية ) : ونأمر بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن غسلت ، وكفنت ابنته ، وبحديثها يحتج الذي عاب على الشافعي قوله ليس في غسل الميت شيء يوقت ثم يخالفه في غير هذا الموضع . مالك
( قال ) : وخالفنا في ذلك فقال لا يسرح رأس الميت ، ولا لحيته ، وإنما يكره من تسريحه أن ينتف شعره فأما التسريح .
[ ص: 303 ] الرفيق فهو أخف من الغسل بالسدر ، وهو تنظيف وتمشية له ( قال ) : ويتبع ما بين أظفاره بعود لين يخلل ما تحت أظفار الميت من وسخ وفي ظاهر أذنيه وسماخه ( قال ) : والمهنى يحلقون فإن كان بأحد منهم وسخ متلبد رأيت أن يغسل بالأشنان ، ويتابع دلكه لينقى الوسخ ( قال ) : ومن أصحابنا من قال : لا أرى أن يحلق بعد الموت شعر ، ولا يجز له ظفر ومنهم من لم ير بذلك بأسا ، وإذا حنط الميت وضع الكافور على مساجده والحنوط في رأسه ولحيته ( قال ) : وإن وضع فيهما وفي سائر جسده كافور فلا بأس إن شاء الله ( قال ) : ويوضع الحنوط ، والكافور على الكرسف ثم يوضع على منخريه وفيه وأذنيه ودبره ، وإن كان له جراح نافذة وضع عليها ( قال ) : فإن كان يخاف من ميتته أو ميته أن يأتي عند التحريك إذا حملا شيئا لعلة من العلل استحببت أن يشد على سفليهما معا بقدر ما يراه يمسك شيئا إن أتى من ثوب صفيق فإن خف فلبد صفيق ( قال ) : ويجب أن يكون في البيت الذي فيه الميت تبخير لا ينقطع حتى يفرغ من غسله ليواري ريحا إن كانت متغيرة ، ولا يتبع بنار إلى القبر . الشافعي
( قال ) : وأحب إلي إن رأى من المسلم شيئا أن لا حدث به فإن المسلم حقيق أن يستر ما يكره من المسلم ، وأحب إلي أن لا يغسل الميت إلا أمين على غسله ( قال ) : وأولى الناس بغسله أولاهم بالصلاة عليه وإن ولي ذلك غيره فلا بأس ، وأحب أن يغض الذي يصب على الميت بصره عن الميت فإن عجز عن غسله واحد أعانه عليه غيره ( قال ) ثم إذا فرغ من غسل الميت جفف في ثوب حتى يذهب ما عليه من الرطوبة ثم أدرج في أكفانه ( قال ) : وأحب لمن غسل الميت أن يغتسل ، وليس بالواجب عندي ، والله أعلم ، وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها { } ، ولا بأس أن يغسل المسلم إذا قرابته من المشركين ، ويتبع جنائزه ، ويدفنه ولكن لا يصلي عليه ، وذلك { لا تنجسوا موتاكم رضي الله عنه بغسل عليا أبي طالب } ولا بأس أن يعزى المسلم إذا مات قال أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الربيع : إذا مات أبوه كافرا .