باب قدر الماء الذي يتوضأ به
( قال ) رحمه الله تعالى أخبرنا الشافعي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة [ ص: 44 ] قال { أنس بن مالك } ( قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم ) في مثل هذا المعنى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل وبعض نسائه من إناء واحد فإذا الشافعي ففي هذا دليل على أنه لا وقت فيما يطهر من المتوضئ من الماء إلا الإتيان على ما أمر الله به من غسل ومسح وكذلك إذا اغتسل الاثنان معا فإذا أتى المرء على ما أمر الله تعالى به من غسل ومسح فقد أدى ما عليه قل الماء أو كثر وقد يرفق بالماء القليل فيكفي ويخرق بالكثير فلا يكفي وأقل ما يكفي فيما أمر بغسله أن يأخذ له الماء ثم يجريه على الوجه واليدين والرجلين فإن جرى الماء بنفسه حتى أتى على جميع ذلك أجزأه وإن أمر به على يده وكان ذلك بتحريك له باليدين كان أنقى وكان أحب إلي وإن كان على شيء من أعضائه مشق ، أو غيره مما يصبغ الجسد فأمر الماء عليه فلم يذهب لم يكن عليه إعادة غسل العضو إذا أجرى الماء عليه فقد جاء بأقل ما يلزمه وأحب إلي لو غسله حتى يذهب كله وإن كان عليه علك أو شيء ثخين فيمنع الماء أن يصل إلى الجلد لم يجزه وضوء ذلك العضو حتى يزيل عنه ذلك أو يزيل منه ما يعلم أن الماء قد ماس معه الجلد كله لا حائل دونه فأما الرأس فيأخذ من الماء بما شاء من يده ثم يمسح برأسه إذا وصل إليه أو شعره الذي عليه فإن كان أيضا دون ما يمسح من شعره حائل لم يجزه وكذلك إن كان دون الرأس حائل ولا شعر عليه لم يجزه حتى يزيل الحائل فيباشر بالمسح رأسه أو شعره وإن انغمس في ماء جار أو ناقع لا ينجس - انغماسة تأتي على جميع أعضاء الوضوء ينوي الطهارة بها أجزأه وكذلك إن جلس تحت مصب ماء أو سرب للمطر أو مطر ينوي به الطهارة فيأتي الماء على جميع أعضاء الوضوء حتى لا يبقى منها شيء أجزأه . توضأ الناس معا