[ ص: 74 ] ( المسألة الثانية ) في بيان قولي لا تكذبها العادة : ( قسم ) تصدقه العادة كدعوى القريب الوديعة ( وقسم ) تكذبه العادة كدعوى الحاضر الأجنبي ملك دار في يد زيد ، وهو حاضر يراه يهدم [ ص: 74 ] ويبني ، ويؤاجر مع طول الزمان من غير وازع يزعه عن الطلب من رهبة أو رغبة فلا تسمع دعواه لظهور كذبها ، والسماع إنما هو لتوقع الصدق فإذا تبين الكذب عادة امتنع توقع الصدق . والدعاوى ثلاثة أقسام
( والقسم الثالث ) ما لم تقض العادة بصدقها ، ولا بكذبها كدعوى المعاملة ، ويشترط فيها الخلطة ، وبيان الخلطة يكون بعد هذا إن شاء الله تعالى في بيان قاعدة من يحلف ، ومن لا يحلف ، وأما ما تكذبه العادة فقال في الأجانب سنين ، ولم يحد بالعشرة . مالك
وقال عشر سنين تقطع الدعوى للحاضر إلا أن يقيم بينة أنه أكرى أو أسكن أو أعار ، ولا حيازة على غائب ، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { ربيعة من حاز شيئا عشر سنين فهو له } ، ولقوله تعالى { وأمر بالعرف } فكل شيء يكذبه العرف وجب أن لا يؤمر به بل يؤمر بالملك لحائزه لأنه العرف ، وقال ابن القاسم الحيازة من الثمانية إلى العشرة .
وقال من مالك فلا حجة لك فإن كنت غائبا أفادك إقامة البينة والعروض والحيوان والرقيق كذلك ، وكذلك قال الأصحاب في كتاب الإجارات إذا قامت بيده دار سنين يكري ، ويهدم ويبني فأقمت بينة أنها لك أو لأبيك أو لجدك وثبتت المواريث ، وأنت حاضر تراه يفعل ذلك لا تسمع دعواه إن كان حاضرا ، ولا مانع له ، وكذلك إذا ادعى بأجرة من سنين ، وأما في الأقارب فقال ادعى بثمن سلعة من زمن قديم ، ولا مانع من طلبه ، وعادتها تباع بالنقد ، وشهدت العادة أن هذا الثمن لا يتأخر مالك نحو الخمسين سنة لأن الأقارب يتسامحون لبر القرابة أكثر من الأجانب أما لدون هذا القدر من الطول فلا تكون الدعوى كاذبة ، وخالفنا الحيازة المكذبة للدعوى في العقار رضي الله عنه ، وسمع الدعوى في جميع هذه الصور لنا النصوص المتقدمة . الشافعي