( الفرق الثامن والخمسون والمائة بين قاعدة المعسر بالدين ينظر وبين قاعدة المعسر بنفقات الزوجات لا ينظر )
اعلم أن المعسر عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه يفسخ عليه نكاحه بطلاق في حق من ثبت لها الإنفاق وقال أبو حنيفة رضي الله عنه لا تطلق عليه بالإعسار لأن الله تعالى أوجب إنظار المعسر بالدين في قوله تعالى { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } فههنا أولى لأن بقاء الزوجية مطلوب لصاحب الشرع وقياسا على النفقة في الزمان الماضي فإنه لا تطلق بها إجماعا ولأن عجزه عن نفقة أم ولده لا يوجب بيعها ولا خروجها عن ملكه فكذلك الزوجة
( والجواب ) عن الأول أنا لم نلزمه النفقة مع العسرة وهو نظير الإلزام بالدين وإنما أمرناه برفع ضرر يقدر [ ص: 146 ] عليه وهو إطلاقها لمن ينفق عليها وهو الجواب عن النفقة في الزمان الماضي
( والجواب ) عن الثالث إن وقع الضرر عن أم الولد له طريق آخر وهو تزويجها وهذا الطريق متعذر ههنا فيتعين الطلاق لأن القاعدة أن المقصد إذا كان له وسيلتان فأكثر لا يتعين أحدهما عينا بل يخير بينهما كالجامع إذا كان له طريقان مستويان يوم الجمعة لا يجب سلوك أحدهما عينا بل يخير بينهما وكذلك السفر إلى الحج في البر والبحر المتيسرين لا يتعين أحدهما وهو كثير في الشرعية وكذلك أم الولد تعدت أسباب زوال الضرر عنها فلم يتعين خروجها عن ملكه وفي الزوجات اتحدت الوسيلة وسبب الخروج عن الضرر فأمر به عينا ويؤيد ما قلناه ما خرجه البخاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الولد إلى من تدعني } وقوله { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } والإمساك على الجوع والعري ليس من المعروف فيتعين التسريح بالإحسان .


