( ) الفرق الثامن والثمانون والمائة بين قاعدة تحريم بيع الربوي بجنسه وبين قاعدة عدم تحريم بيعه بجنسه
متى اتحد جنس الربوي من الطرفين وكان معهما أو مع أحدهما جنس آخر امتنع البيع عند مالك والشافعي رضي الله عنهم وجاز عند وابن حنبل رضي الله عنه وتسمى هذه القاعدة بمد عجوة ودرهم بدرهمين وشنع على أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه على أصله ينبغي أن يجوز بيع دينار بدينارين في قرطاس لاحتمال مقابلة الدينار الزائد بالقرطاس وهو قد جوزه وهو شنيع لنا أن المضاف يحتمل أن يقابله من الآخر ما لا يبقى بعد المقابلة إلا أقل من [ ص: 252 ] مساوي المضاف إليه والمماثلة شرط والجهل بالشرط يوجب الجهل بالمشروط فلا يقضي بالصحة ؛ ولأنه ذريعة للتفاضل واتفق الجميع على المنع إذا كان الربويان مستويين في المقدار ومع أحدهما عين أخرى ؛ لأنها تقابل من أحدهما جزءا فيبقى أحدهما أكثر من الآخر بالضرورة فيذهب ما يعتمد عليه أبي حنيفة من حسن الظن بالمسلمين وفي أبو حنيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم { مسلم بخيبر فيها ذهب وخرز فمنع بيعها حتى تفصل } وهو يبطل مذهب الحنفية مضافا إلى الوجهين السابقين وأجابوا بأن قضية القلادة واقعة عين لم يتعين المنع فيها لما ذكرناه ، بل لأن الحلي الذي كان فيها كان مجهول الزنة ونحن لا نجيزه مع الجهل بالزنة فإذا فصلت القلادة ووزنت علم وزنها فجاز بيعها فلم ، قلتم إن المنع ما كان لذلك والعمدة قوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 253 ] { أنه أتي بقلادة وهو } فجعل الجميع على المنع إلا في حالة المماثلة وهذه الحالة غير معلومة في صورة النزاع فوجب بقاؤها من المنع ( فإن قلت ) ظاهر حال المسلمين يقتضي الظن بحصول المماثلة والظن كاف في ذلك كالطهارات وغيرها ( لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل قلت ) لا نسلم أن الظن يكفي في المماثلة في باب الربا ، بل لا بد من العلم بشهادة الميزان والمكيال وباب الربا أضيق من باب الطهارة فلا يقاس عليه .
[ ص: 252 - 253 ]