( الفرق الثالث والثلاثون والمائتان بين قاعدة ما يحتاج للدعوى وبين قاعدة ما لا يحتاج إليها )
وتلخيص الفرق أن كل أمر مجمع على ثبوته ، وتعين الحق فيه ، ولا يؤدي أخذه لفتنة ، ولا تشاجر [ ص: 77 ] ولا فساد عرض أو عضو فيجوز أخذه من غير رفع للحاكم فمن فله أخذها أخذ عين المغصوب أو وجد عين سلعته التي اشتراها أو ورثها ، ولا يخاف من أخذها ضررا ، وما يحتاج للحاكم خمسة أنواع
( النوع الأول ) المختلف فيه هل هو ثابت أم لا فلا بد من رفع للحاكم حتى يتوجه ثبوته بحكم الحاكم فهذا النوع من حيث الجملة يفتقر إلى الحاكم في بعض مسائله دون بعض كاستحقاق الغرماء لرد عتق المديان وتبرعاته قبل الحجر عليه فإن رضي الله عنه لا يثبت لهم حقا في ذلك الشافعي يثبته فيحتاج لقضاء الحاكم بذلك ، وقد لا يفتقر هذا النوع للحاكم كمن ومالك أو غيره أو وهب له مشاع في عقار أو اشترى مبيعا على الصفة ، ونحو ذلك فإن المستحق المعتقد لصحة هذه الأسباب يتناول هذه الأمور من غير حاكم ، وهو كثير ، والمفتقر منه للحاكم قليل ، وفي الفرق بين ما يفتقر من هذا النوع وما لا يفتقر عسر . أسلم في حيوان
( النوع الثاني ) ما يحتاج للاجتهاد والتحرير فإنه يفتقر للحاكم كتقويم الرقيق في إعتاق البعض على المعتق وتقدير النفقات للزوجات والأقارب ، والطلاق على المولي بعدم الفيئة فإن فيه تحرير عدم فيئته ، والمعسر بالنفقة لأنه مختلف فيه فمنعه الحنفية ، ولأنه يفتقر لتحرير إعساره وتقديره ، وما مقدار الإعسار الذي يطلق به فإنه مختلف فيه فعند رحمه الله لا يطلق بالعجز عن أصل النفقة والكسوة اللتان يفرضان بل بالعجز عن الضروري المقيم للبينة ، وإن كنا لا نفرضه ابتداء . مالك
( النوع الثالث ) ما يؤدي أخذه للفتنة كالقصاص في النفس والأعضاء يرفع ذلك للأئمة لئلا يقع لسبب تناوله تمانع وقتل وفتنة أعظم من الأولى ، وكذلك التعزير ، وفيه أيضا الحاجة للاجتهاد في مقداره بخلاف الحدود في القذف والقصاص في الأطراف .
( النوع الرابع ) ما يؤدي إلى فساد العرض وسوء العاقبة كمن فلا يأخذها بنفسه ، ويرفعها للحاكم دفعا لهذه المفسدة . ظفر بالعين المغصوبة أو المشتراة أو الموروثة لكن يخاف من أخذها أن ينسب إلى السرقة
( النوع الخامس ) ما يؤدي إلى خيانة الأمانة إذا فمنعه أودع عندك من لك عليه حق ، وعجزت عن أخذه منه لعدم اعترافه أو عدم البينة عليه فهل لك جحد وديعته إذا كانت قدر حقك من جنسه أو من غير جنسه لقوله عليه السلام { مالك } ، وأجازه أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك { الشافعي لهند ابنة عتبة امرأة لما شكت إليه أنه بخيل لا يعطيها وولدها ما يكفيهما فقال لها عليه السلام خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف أبي سفيان } ، ومنشأ الخلاف هل هذا القول منه عليه السلام فتيا فيصح ما قاله لقوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 78 ] أو قضاء فيصح ما قاله الشافعي ، ومنهم من فصل بين ظفرك بجنس حقك فلك أخذه أو غير جنسه فليس لك أخذه فهذا تلخيص الفرق بين القاعدتين . مالك