( الفرق الثامن والأربعون والمائتان بين قاعدة ما خرج عن المساواة والمماثلة في القصاص وبين قاعدة ما بقي على المساواة ) . اعلم أن القصاص أصله من القص الذي هو المساواة ؛ لأن من قص شيئا من شيء بقي بينهما سواء من الجانبين فهو شرط إلا أن يؤدي إلى تعطيل القصاص قطعا أو غالبا ، وله مثل أحدها التساوي في أجزاء الأعضاء وسمك اللحم في الجاني لو اشترط لما حصل إلا نادرا بخلاف الجراحات في الجسد وثانيهما التساوي في منافع الأعضاء وثالثها العقول ورابعها الحواس وخامسها قتل الجماعة بالواحد وقطع الأيدي باليد لو اشترطت الواحدة لتساوي الأعداد ببعضهم وسقط القصاص ، السادس الحياة اليسيرة كالشيخ الكبير مع الشاب ، ومنفوذ المقاتل على الخلاف ، السابع تفاوت الصنائع والمهارة [ ص: 190 ] فيها .
وهاهنا ثلاث مسائل . ( المسألة الأولى ) : إذا قتلوه عمدا وتعاونوا على قتله بالحرابة أو غيرها حتى يقتل عندنا الناظور ووافقنا قتل الجماعة بالواحد الشافعي ، ومشهور وأبو حنيفة في قتل الجماعة بالواحد من حيث الجملة وعن أحمد بن حنبل وجماعة من التابعين والصحابة أن عليهم الدية وعن أحمد وجماعة أنه يقتل منهم واحد وعلى الباقي حصصهم من الدية ؛ لأن كل واحد مكافئ له فلا يستوي إبدال في مبدل منه واحد كما لا تجب ديات ولقوله تعالى { الزهري الحر بالحر } ولقوله تعالى { النفس بالنفس } ؛ ولأن تفاوت الأوصاف يمنع كالحر والعبد فالعدد أولى بالمنع لنا إجماع الصحابة على قتل عمر سبعة من أهل صنعاء برجل واحد وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به وقتل علي ثلاثة وهو كثير ، ولم يعرف لهم مخالف في ذلك الوقت ؛ ولأنها عقوبة كحد القذف وتفارق الدية فإنها تتبعض دون القصاص ؛ لأن الشركة لو أسقطت القصاص كان ذلك ذريعة للقتل .