( الفرق التاسع والأربعون والمائتان بين قاعدة العين وقاعدة كل اثنين من الجسد فيهما دية واحدة كالأذنين ونحوهما ) . أنه إذا فعليه نصف الدية ذهب سمع أحد أذنيه بضربة رجل ثم أذهب سمع الأخرى ووافقنا وفي عين الأعور الدية كاملة وقال أحمد بن حنبل الشافعي نصف الدية . لنا وجوه ( الأول ) أن وأبو حنيفة عمر وعثمان وعليا قضوا بذلك من غير مخالف فكان ذلك إجماعا . ( الثاني ) أن العين الذاهبة يرجع ضوءها للباقية ؛ لأن مجراها في النور الذي يحصل به الإبصار واحد كما شهد به علم التشريح ولذلك أن الصحيح إذا غمض إحدى عينيه اتسع ثقب الأخرى بسبب ما اندفع لها من الأخرى وقوي إبصارها ، ولا يوجد ذلك في إحدى الأذنين إذا سدت الأخرى أو إحدى اليدين إذا ذهبت الأخرى أو قطعت وكذلك جميع أعضاء الجسد إلا العين لما تقدم من اتحاد المجرى فكانت العين الباقية في معنى العينين فوجب فيها دية كاملة . وابن عمر
احتجوا بوجوه الأول قوله عليه السلام { } الثاني قوله عليه السلام { في العين خمسون من الإبل } وهو يقتضي أنه لا تجب عليه دية إلا إذا قلع عينين وهذا لم يقلع عينين . الثالث أن ما ضمن بنصف الدية ، ومعه [ ص: 192 ] نظيره ضمن بنصفها منفردا كالأذن واليد . الرابع أنه لو صح القول بانتقال النور الباصر لم يجب على الأول نصف الدية ؛ لأنه لم يذهب نصف المنفعة ، والجواب عن الأول والثاني أنه محمول على العين غير العوراء لأنهما عمومان مطلقان في الأحوال فيقيدان بما ذكرناه من الأدلة وعن الثالث الفرق بانتقال قوة العين الأولى بخلاف الأذن واليد ، ولو انتقل التزمناه وعن الرابع لا يلزم إطراح الأول إذ لو جنى عليهما فاحولتا أو عمشتا أو نقص ضوءها فإنه يجب عليه العقل لما نقص ، ولا تنقص الدية عمن جنى ثانيا على قول في العينين الدية عندنا ، وهذا السوال قوي علينا ، وكان يلزمنا أن نقلع بعينيه عينين اثنين من الجاني .
( تفريع ) قال في النوادر فيها ألف وإن أخذ في الأولى ديتها قاله ابن أبي زيد وأصحابه ، وقال مالك : يسأل عن السمع فإن كان ينتقل فكالعينين ، وإلا فكاليد ، وإن أشهب فنصف الدية ؛ لأنه ينظر بهما نصف نظرهما فإن أصيب باقي إحداهما فربع الدية فإن أصيب بعد ذلك بقية الأخرى فنصف الدية ؛ لأنه أقيم مقام نصف جميع بصره فإن أخذ صحيح نصف دية أحدهما ثم أصيب بنصف الصحيحة فثلث الدية ؛ لأنه أذهب من جميع بقية بصره ثلثه وإن أصيب ببقية المصابة فقط فربع الدية فإن ذهب باقيها والصحيحة بضربة فالدية كاملة أو الصحيحة وحدها فثلثا الدية ؛ لأنها ثلثا بصره فإن أصيب بقية المصابة فنصف الدية بخلاف لو أصيبت والصحيحة [ ص: 193 ] باقية قاله أصيب من كل عين نصف بصرها ثم أصيب باقيهما في ضربة وقال أشهب ابن القاسم : ليس فيما يصاب من الصحيحة إذا بقي من الأولى شيء إلا من حساب نصف الدية .