( المسألة الثانية ) كثير من الفقهاء يعتقد أن المالكي يعتقد بطلان مذهب الشافعي إذا لم يتدلك في غسله أو يمسح جميع رأسه ونحوه ، وأن الشافعي يعتقد بطلان صلاة المالكي إذا لم يبسمل ، وأن الجمع بين المذاهب والورع في ذلك إنما هو لصون الصلاة ونحوها عن البطلان على قول المخالف وليس كذلك ، والورع في ذلك ليس لتحصيل صحة العبادة بل صحيحة بالإجماع وأجمع كل فريق مع خصمه على صحة تصرفاته وعباداته على وجه التقليد المعتبر فإن قلت : فإذا كانت العبادة الواقعة صحيحة بالإجماع فما فائدة الورع وكيف يشرع الورع بعد ذلك قلت : فائدة الورع وسبب مشروعيته الجمع بين أدلة المختلفين [ ص: 219 ] والعمل بمقتضى كل دليل فلا يبقى في النفوس توهم أنه قد أهمل دليلا لعل مقتضاه هو الصحيح فبالجمع ينتفي ذلك ، فأثر الجمع بين المذاهب في جميع مقتضيات الأدلة في صحة العبادة والتصرف فتأمل ذلك ، ولو كان المالكي يعتقد بطلان صلاة الشافعي وبالعكس لكانت كل طائفة عند الأخرى من أعظم الناس فسقا لتركها الصلاة طول عمرها ، ولا تقبل لها شهادة ، وتجري عليها أحكام الفساق أبد الدهر ، ويطرد ذلك في الفرق كلها من جهة مخالفها ، وهذا فساد عظيم لم يقل به أحد بل عبادة كل مقلد لإمام معتبر مالك وجميع الأئمة من أعدل الناس عند جميع الناس ، ولا يقول بفسق أحد منهم إلا منافق مارق من الدين والشافعي