( الفرق الستون والمائتان بين ) قد تقدمت حقيقة الكبر ، وأنه في القلب ويعضد ذلك قوله تعالى { قاعدة الكبر وقاعدة العجب إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } فجعل محله القلب والصدور وأما العجب فهو رؤية العبادة ، واستعظامها من العبد فهو معصية تكون بعد العبادة ومتعلقة بها هذا التعلق الخاص كما يتعجب العابد بعبادته ، والعالم بعلمه ، وكل مطيع بطاعته هذا حرام غير مفسد للطاعة ؛ لأنه يقع بعدها بخلاف الرياء فإنه يقع معها فيفسدها ، وسر تحريم العجب أنه سوء أدب على الله - تعالى - فإن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده بل يستصغره بالنسبة إلى عظمة سيده لا سيما عظمة الله - تعالى - ولذلك قال الله تعالى { وما قدروا الله حق قدره } أي ما عظموه حق تعظيمه فمن أعجب بنفسه وعبادته فقد هلك مع ربه ، وهو مطلع عليه وعرض نفسه لمقت الله تعالى وسخطه ونبه على ضد ذلك قوله تعالى { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } معناه يفعلون من الطاعات ما يفعلون وهم خائفون من لقاء الله - تعالى - بتلك الطاعة احتقارا لها ، وهذا يدل على طلب هذه الصفة والنهي عن ضدها فالكبر راجع للخلق والعباد ، والعجب راجع للعبادة [ ص: 228 ]