[ ص: 53 ] المسألة السادسة في بيان الواقع اليوم في العادة أن الشهادة تصح بالمضارع دون الماضي واسم الفاعل فيقول الشاهد أشهد بكذا عندك أيدك الله ولو قال شهدت بكذا ، أو أنا شاهد بكذا لم يقبل منه ، والبيع يصح بالماضي دون المضارع عكس الشهادة فلو قال : أبيعك بكذا أو قال أبايعك بكذا لم ينعقد البيع عند من يعتمد على مراعاة الألفاظ الفرق بين الصيغ التي يقع بها الإنشاء ، ومن لا يعتبرها لا كلام معه ، وإنشاء الطلاق يقع بالماضي نحو طلقتك ثلاثا واسم الفاعل نحو أنت طالق ثلاثا دون المضارع نحو أطلقك ثلاثا ، وسبب هذه الفروق بين الأبواب النقل العرفي من الخبر إلى الإنشاء فأي شيء نقلته العادة لمعنى صار صريحا في العادة لذلك المعنى بالوضع العرفي فيعتمد الحاكم عليه لصراحته ويستغني المفتي عن طلب النية معه لصراحته أيضا وما هو لم تنقله العادة لإنشاء ذلك المعنى يتعذر الاعتماد عليه لعدم الدلالة اللغوية والعرفية ، فنقلت العادة في الشهادة المضارع وحده وفي الطلاق والعتاق اسم الفاعل والماضي فإن اتفق وقت آخر تحدث فيه عادة أخرى تقتضي نسخ هذه العادة وتجدد عادة أخرى اتبعنا الثانية وتركنا الأولى ويصير الماضي في البيع والمضارع في الشهادة على حسب ما تجدده العادة فتأمل ذلك واضبطه فمن لم يعرف الحقائق العرفية وأحكامها يشكل عليه الفرق وبهذا التقرير يظهر قول كالشافعي رحمه الله ما عده الناس بيعا فهو بيع نظرا إلى أن المدرك هو تجدد العادة غير أن للشافعية أن يقولوا إن ذلك مسلم ، ولكن يشترط وجود اللفظ المنقول أما مجرد الفعل والمعاطاة الذي يقصده مالك فممنوع . مالك