[ ص: 87 ] ( الفرق الحادي والسبعون الفرق بين قاعدة حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال وبين قاعدة حكاية الحال إذا ترك فيها الاستفصال تقوم مقام العموم في المقال ويحسن بها الاستدلال ) هذا موضع نقل عن الشافعي فيه هذان الأمران على هذه الصورة واختلفت أجوبة الفضلاء في ذلك فمنهم من يقول هذا مشكل ومنهم من يقول هما قولان للشافعي والذي ظهر لي أنهما ليستا قاعدة واحدة فيها قولان بل هما قاعدتان متباينتان ولم يختلف قول الشافعي ولا تناقض وتحرير الفرق بينهما ينبني على قواعد : القاعدة الأولى أن الاحتمال المرجوح لا يقدح في دلالة اللفظ وإلا لسقطت دلالة العمومات كلها لتطرق احتمال التخصيص إليها بل تسقط دلالة جميع الأدلة السمعية لتطرق احتمال المجاز والاشتراك إلى جميع الألفاظ لكن ذلك باطل فتعين حينئذ أن الاحتمال الذي يوجب الإجمال إنما هو الاحتمال المساوي أو المقارب أما المرجوح فلا .
القاعدة الثانية أن كلام صاحب الشرع إذا كان محتملا احتمالين على السواء صار مجملا وليس حمله على أحدهما أولى من الآخر [ ص: 88 ]
القاعدة الثالثة أن لفظ صاحب الشرع إذا كان ظاهرا أو نصا في جنس وذلك الجنس متردد بين أنواعه وأفراده لا يقدح ذلك في الدلالة كقوله تعالى { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } اللفظ ظاهر في إعتاق جنس الرقبة وهي مترددة بين الذكر والأنثى والطويلة والقصيرة وغير ذلك من الأوصاف ولم يقدح ذلك في دلالة اللفظ على إيجاب الرقبة وكذلك الأمر بجميع المطلقات الكليات وقد تقدم أنها عشرة ولم يظهر في شيء من مثلها قدح ولا إجمال إذا تحررت هذه القواعد فنقول الاحتمالات تارة تكون في كلام صاحب الشرع على السواء فتقدح وتارة تكون في محل مدلول اللفظ فلا تقدح فحيث قال الشافعي رضي الله عنه إن حكاية الحال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال مراده إذا استوت الاحتمالات في كلام صاحب الشرع ومراده أن حكاية الحال إذا ترك فيها الاستفصال قامت مقام العموم في المقال إذا كانت الاحتمالات في محل المدلول دون الدليل


