[ ص: 93 ] الفرق الثاني والسبعون بين قاعدة الاستثناء من النفي إثبات في غير الأيمان وبين قاعدة الاستثناء من النفي ليس بإثبات في الأيمان ) اعلم أن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله أن الاستثناء من النفي إثبات في غير الأيمان هذه قاعدته في الأقارير وقاعدته في الأيمان أن الاستثناء من النفي ليس بإثبات وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك قولان فمنهم من طرد أن الجميع إثبات في الأيمان وغيرها ومنهم من وافقنا ويظهر ذلك بذكر ثلاث مسائل .
( المسألة الأولى ) إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16394_16399_26602حلف لا يلبس ثوبا إلا كتانا في هذا اليوم وقعد عريانا فالكتان قد استثني من النفي السابق فيكون إثباتا فيكون كلامه جملتين جملة سلبية وجملة ثبوتية بعد الاستثناء وقبله وقد دخل القسم عليهما فيحنث إذا قعد عريانا نحنثه في الجملة الثبوتية ويكون قد حلف أن لا يلبس غير الكتان وليلبس الكتان وما لبس الكتان فيحنث هذا هو مقتضى قاعدة اللغة من جهة أن الاستثناء من النفي إثبات والشافعية مشوا على ذلك على أحد القولين فحنثوه ، ووافقونا في القول الآخر فلم يحنثوه لنا وجوه الأول أن إلا تستعمل للإخراج وتستعمل صفة ومنه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } معناه لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا ولو أراد الاستثناء به لنصب فقال إلا الله لأنه استثناء من موجب وهي في العرف قد جعلوها في الأيمان بمعنى غير فلا يفهم من قول القائل والله لا لبست ثوبا إلا الكتان أنه حلف على لبس الكتان بل يفهم لا لبست ثوبا غير الكتان وأن غير الكتان هو المحلوف عليه أما الكتان فلا يفهم أهل العرف ذلك فيه وإذا كان الكتان غير محلوف عليه لم يحنث إذا قعد عريانا الثاني سلمنا أن أهل العرف لم ينقلوها لمعنى غير وسوى ولكن القسم يحتاج في جوابه إلى جملة واحدة وقد أجمعنا على أن جوابه حصل بقوله لا لبست ثوبا وإنه لو سكت هنالك كان كلاما عربيا والأصل عدم تعلقه بالجملة الثانية التي بعد إلا وإذا لم يتعلق بها القسم كان لبس الكتان غير محلوف عليه فلا يحنث إذا جلس عريانا وهو المطلوب الثالث سلمنا أنه تناول الجملتين لكن الاستثناء في هذه الصور عندنا من إثبات فيكون نفيا بيان أن معنى الكلام أن جميع الثياب محلوف عليها إلا الكتان فكأنه قال أحلف على عدم لبس كل ثوب إلا الكتان فلا أحلف عليه لأن استثناءه من الحلف الذي هو ثبوتي وإذا كان الكتان غير مقسم عليه لا يحنث بتركه وهو المطلوب فهذه الوجوه هي الفروق بين قاعدة الاستثناء من النفي إثبات في غير الأيمان وبين قاعدة الاستثناء في الأيمان .
[ ص: 93 ] الْفَرْقُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ فِي الْأَيْمَانِ ) اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ هَذِهِ قَاعِدَتُهُ فِي الْأَقَارِيرِ وَقَاعِدَتُهُ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ لَيْسَ بِإِثْبَاتٍ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ أَنَّ الْجَمِيعَ إثْبَاتٌ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ وَافَقَنَا وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16394_16399_26602حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا إلَّا كَتَّانًا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَقَعَدَ عُرْيَانًا فَالْكَتَّانُ قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ النَّفْيِ السَّابِقِ فَيَكُونُ إثْبَاتًا فَيَكُونُ كَلَامُهُ جُمْلَتَيْنِ جُمْلَةٌ سَلْبِيَّةٌ وَجُمْلَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَبْلَهُ وَقَدْ دَخَلَ الْقَسَمُ عَلَيْهِمَا فَيَحْنَثُ إذَا قَعَدَ عُرْيَانًا نُحْنِثُهُ فِي الْجُمْلَةِ الثُّبُوتِيَّةِ وَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ غَيْرَ الْكَتَّانِ وَلْيَلْبَسْ الْكَتَّانَ وَمَا لَبِسَ الْكَتَّانَ فَيَحْنَثُ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ اللُّغَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَالشَّافِعِيَّةُ مَشَوْا عَلَى ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَحَنَّثُوهُ ، وَوَافَقُونَا فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَمْ يُحْنِثُوهُ لَنَا وُجُوهٌ الْأَوَّلُ أَنَّ إلَّا تُسْتَعْمَلُ لِلْإِخْرَاجِ وَتُسْتَعْمَلُ صِفَةً وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غَيْرُ اللَّهِ لَفَسَدَتَا وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ بِهِ لَنَصَبَ فَقَالَ إلَّا اللَّهَ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُوجِبٍ وَهِيَ فِي الْعُرْفِ قَدْ جَعَلُوهَا فِي الْأَيْمَانِ بِمَعْنَى غَيْرٍ فَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ وَاَللَّهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا إلَّا الْكَتَّانَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى لُبْسِ الْكَتَّانِ بَلْ يُفْهَمُ لَا لَبِسْت ثَوْبًا غَيْرَ الْكَتَّانِ وَأَنَّ غَيْرَ الْكَتَّانِ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَمَّا الْكَتَّانُ فَلَا يَفْهَمُ أَهْلُ الْعُرْفِ ذَلِكَ فِيهِ وَإِذَا كَانَ الْكَتَّانُ غَيْرَ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ إذَا قَعَدَ عُرْيَانًا الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَمْ يَنْقُلُوهَا لِمَعْنَى غَيْرِ وَسِوَى وَلَكِنَّ الْقَسَمَ يَحْتَاجُ فِي جَوَابِهِ إلَى جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ جَوَابَهُ حَصَلَ بِقَوْلِهِ لَا لَبِسْت ثَوْبًا وَإِنَّهُ لَوْ سَكَتَ هُنَالِكَ كَانَ كَلَامًا عَرَبِيًّا وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَعَلُّقِهِ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ إلَّا وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا الْقَسَمُ كَانَ لُبْسُ الْكَتَّانِ غَيْرَ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ إذَا جَلَسَ عُرْيَانًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الثَّالِثُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ تَنَاوَلَ الْجُمْلَتَيْنِ لَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ عِنْدَنَا مِنْ إثْبَاتٍ فَيَكُونُ نَفْيًا بَيَانُ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ جَمِيعَ الثِّيَابِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا إلَّا الْكَتَّانَ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ لُبْسِ كُلِّ ثَوْبٍ إلَّا الْكَتَّانَ فَلَا أَحْلِفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ مِنْ الْحَلِفِ الَّذِي هُوَ ثُبُوتِيٌّ وَإِذَا كَانَ الْكَتَّانُ غَيْرَ مُقْسَمٍ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ هِيَ الْفُرُوقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْأَيْمَانِ .