( الفرق الثالث والسبعون بين قاعدة المفرد المعرف بالألف واللام يفيد العموم في غير الطلاق نحو { أحل الله البيع } { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } وبين قاعدة المعرف بالألف واللام في الطلاق لا يفيد العموم ) فلو لم يلزمه مع عدم النية إلا طلقة واحدة ومقتضى اللغة أن يلزمه الثلاث لأن قاعدة المعرف فاللام التعريف أنه عام في جميع أفراد الجنس الذي دخل عليه وقد دخل على مفهوم الطلاق فيعم أفراده إلى غير النهاية ومقتضى ذلك أن يلزمه من الطلاق عدد غير متناه إلا أن المحل لا يقبل إلا ثلاثا فيقتصر عليها كما لو قال الطلاق يلزمني فإنه يلزمه الثلاث فقط لعدم قبول المحل الزيادة على ذلك لكن الفقهاء اليوم على خلافه ولا يلزمون به إلا واحدة بسبب أن لام التعريف قد تستعمل لاستغراق الجنس نحو { قال أنت طالق مائة أحل الله البيع } وللمعهود من الجنس نحو قوله تعالى { كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول } فهذه اللام للمعهود الذي تقدم ذكره ولحقيقة الجنس كقول السيد لعبده اذهب إلى السوق فاشتر لنا الخبز واللحم يريد إثبات هاتين الحقيقتين [ ص: 95 ] ولا يريد العموم بأن يأتي بجميع أفراد الجنس وليس بينهما معهود ينصرف الكلام إليه بل المراد به حقيقة الجنس أي الماهية الكلية التي تصدق بفرد إذا تقرر أن لام التعريف تستعمل في أحد هذه الأمور الثلاثة فاعلم أن أهل العرف قد نقلوها وخصصوها بحقيقة الجنس دون استغراق الجنس فيصير معنى كلام المطلق أن حقيقة جنس الطلاق يلزمني وإذا لزمته هذه الحقيقة وهذه الحقيقة تصدق بفرد لم يلزمه إلا فرد وهو طلقة واحدة لأن الأيمان مبنية على العرف في اليمين بالله تعالى والطلاق وغيره فإذا حدث عرف بعد اللغة قدم عليها لأنه ناسخ لها والناسخ مقدم على المنسوخ وهاتان قاعدتان في الأصول خالفهما الفقهاء في الفروع وهما قاعدة الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي ولم يقولوا بذلك في الأيمان على ما تقدم من الخلاف وقاعدة المعرف فاللام التعريف قالوا بأنه للعموم ولم يقولوا به في الطلاق والسبب ما تقدم بيانه .