( الفرق السادس والثمانون ) اعلم أن الأصل في كثرة الثواب وقلته وكثرة العقاب وقلته أن يتبعا كثرة المصلحة في الفعل وقلتها كتفضيل التصدق بالدينار على التصدق بالدرهم وإنقاذ الغريق من بني الفرق بين قاعدة ما يكثر الثواب فيه والعقاب وبين قاعدة ما يقل الثواب فيه والعقاب آدم مع إنقاذ الغريق من الحيوان البهيمي وإثم الأذية في الأعراض والنفوس أعظم من الأذية في الأموال [ ص: 132 ] وهذا هو غالب الشريعة وقد يستوي الفعلان في المصلحة والمفسدة من كل وجه ويوجب الله تعالى أحدهما دون الآخر كتكبيرة الإحرام مع غيرها من التكبيرات وسجدة التلاوة مع سجدة الصلاة وسجدة النافلة مع سجدة الفريضة وكذلك الركوع فيهما بل قد تترك هذه القاعدة وتعكس بأن يصير الأقل أكثر ثوابا كتفضيل القصر على الإتمام مع اشتمال الإتمام على مزيد الخشوع والإجلال وأنواع التقرب وكتفضيل الصبح على سائر الصلوات عندنا بناء على أنها الصلاة الوسطى وكتفضيل العصر على رأي مع تقصير القراءة فيها بالنسبة إلى الظهر [ ص: 133 ] وكتفضيل ركعة الوتر على ركعتي الفجر ومن ذلك ما ورد في الحديث الصحيح أن النبي عليه السلام قال { أبي حنيفة } فكلما كثر الفعل كان الثواب أقل وسبب ذلك أن تكرار الفعل والضربات في القتل يدل على قلة اهتمام الفاعل بأمر صاحب الشرع إذ لو قوي عزمه واشتدت حميته لقتلها في الضربة الأولى فإنه حيوان لطيف لا يحتاج إلى كثرة متونة في الضرب فحيث لم يقتلها في الضربة الأولى دل ذلك على ضعف عزمه فلذلك ينقص أجره عن المائة إلى السبعين والأصل هو ما تقدم أن قاعدة كثرة الثواب كثرة الفعل وقاعدة قلة الثواب قلة الفعل فإن كثرة الأفعال في القربات تستلزم كثرة المصالح غالبا ولله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا راد لحكمه ولا معقب لصنعه . من قتل الوزغة في الضربة الأولى فله مائة حسنة ومن قتلها في الثانية فله سبعون حسنة