[ ص: 140 ] ( الفرق التاسع والثمانون بين قاعدة استلزام إيجاب المجموع لوجوب كل واحد من أجزائه ، وبين قاعدة الأمر الأول لا يوجب القضاء وإن كان الفعل في القضاء جزء الوقت الأول ، والجزء الآخر خصوص الوقت )
هاتان القاعدتان ملتبستان جدا بسبب أن ، وبكونها في وقت معين وهو أمر بمجموع الفعل وتخصيصه بالزمان فإذا ذهب أحد الجزأين ، وهو تخصيصه بعين ذلك الزمان ينبغي أن يبقى الفعل واجبا بالأمر الأول ؛ لأن القاعدة أن إيجاب المركب يقتضي إيجاب مفرداته [ ص: 141 ] فلا بد من الفرق بين هذه القاعد وقاعدة أن الأمر الأول لا يقتضي القضاء فإنه المشهور من مذهب العلماء ، وسر الفرق بين القاعدتين بعد اشتراكهما في أن الأمر مركب فيهما أن تخصيص صاحب الشرع بعض الأوقات بأفعال معينة دون بقية الأوقات يقتضي اختصاص ذلك الوقت المعين بمصلحة لا توجد في غير ذلك الوقت ، ولولا ذلك لكان الفعل عاما في جميع الأوقات ، ولا بد لما بعد الزوال من معنى لاحظه صاحب الشرع لم يكن موجودا قبل الزوال طردا لقاعدة صاحب الشرع في رعاية المصالح ، وهكذا كل أمر تعبدي معناه أن فيه معنى لم نعلمه لا أنه ليس فيه معنى ، وإذا كانت الأوقات المعينة إنما خصصت بالعبادة لأجل مصالح فيها دون غيرها كان مقتضى هذا الدليل أن لا يشرع الفعل في غيرها لعدم [ ص: 142 ] المصلحة في غير ذلك الوقت ؛ لأن الأمر الأول دل بالالتزام على عدم المصلحة بدليل التخصيص فإذا لم يوجد أمر دال على القضاء . الأمر بالعبادة في وقت معين أمر بالعبادة
قلنا : الأصل عدم مصلحة الفعل في غير الوقت الذي عين له ومع الأصل لفظ التخصيص يدل على عدمه فلا تفعل تلك العبادة ألبتة فإن ورد الأمر بالقضاء دل الأمر الثاني على أن ما بعد ذلك الوقت مما يقارب الوقت الأول في مصلحة الوجوب وإن لم يصل إلى مثل مصلحته ، إذ لو وصل إليها لسوى بينهما في الأمر الأول ، وحيث لم يسو بينهما دل ذلك على التفاوت بينهما فمن لاحظ هذا الفرق بين القاعدتين قال القضاء إنما يجب بأمر جديد ، ومن لاحظ التسوية والمشترك بينهما قال القضاء بالأمر الأول فتأمل ذلك .