( الفرق السابع والمائة بين قاعدة العمال في القراض فإن وقاعدة الشركاء لا يلزم أنه متى سقطت عن أحد الشريكين سقطت عن الآخر ) بل قد تجب الزكاة متى سقطت عن رب المال سقطت عن العامل لاجتماع شرائط الزكاة في حقه دون الآخر لاختلال بعض الشروط في حقه . الزكاة على أحد الشريكين
وعمال القراض ليسوا كذلك على الخلاف فيهم بين العلماء وفي المذهب أيضا الخلاف والفرق بين القاعدتين ينبني على قاعدة وهي أنه متى كان الفرع مختصا بأصل واحد أجري [ ص: 197 ] عن ذلك الأصل من غير خلاف ومتى دار بين أصلين ، أو أصول يقع الخلاف فيه لتغليب بعض العلماء بعض تلك الأصول وتغليب البعض الآخر أصلا آخر فيقع الخلاف لذلك ولذلك اختلف في أم لا لترددها بين الأرقاء من جهة أنها توطأ بملك اليمين وبين الأحرار لتحريم بيعها ، وإحرازها لنفسها ومالها ، وتردد إثبات هلال رمضان بين الشهادة والرواية وكذلك الترجمان عند الحاكم والنائب والمقوم وغيرهم جرى الخلاف فيهم هل يشترط فيهم العدد تغليبا للشهادة ، أو لا يشترط تغليبا للرواية وكتردد العقود الفاسدة من الأبواب المستثنيات كالقراض والمساقاة هل ترد إلى أصلها فيجب قراض المثل ، أو إلى أصل أصلها فيجب أجرة المثل ، وذلك المساقاة لتردد هذه الفاسدة بين أصلها وأصل أصلها فإن أصل أصلها أصلها أيضا فلذلك كل ما توسط غرره أو الجهالة فيه من العقود تختلف العلماء فيه لتوسطه بين الغرر الأعلى فيبطل ، أو الغرر الأدنى المجمع على جوازه واغتفاره في العقود فيجوز والمتوسط أخذ شبها من الطرفين فمن قربه من هذا منع . أم الولد إذا قتلت هل تجب فيها قيمة
أو من الآخر أجاز وكذلك المشاق المتوسطة في العبادات دائر بين أدنى المشاق فلا توجب ترخصا وبين أعلاها فتوجب الترخص فتختلف العلماء في تأثيرها في الإسقاط لأجل ذلك وكذلك إذا توسطت بين قاعدة ما أجمع عليه أنه موجب الرد كشهادة الإنسان لنفسه وبين قاعدة ما أجمع عليه أنه غير قادح في الشهادة كشهادة الرجل الآخر من قبيلته فيختلف العلماء ؛ أي التغليبين يعتبر وذلك كشهادة الأخ لأخيه ونحوه فإنه اختلف فيه هل تقبل ، أو ترد وكذلك الثلث يتردد في مسائل بين القلة والكثرة فيختلف العلماء في إلحاقه بأيهما شاء ، ونظائره كثيرة في الشريعة من المترددات بين أصلين فأكثر والعمال في القراض [ ص: 198 ] دائرون بين أن يكونوا شركاء بأعمالهم ، ويكون أرباب الأموال شركاء بأموالهم ، ويعضد ذلك تساوي الفريقين في زيادة الربح ونقصانه وهذا هو حال الشركاء ويعضده أيضا أن الذي يستحقه العامل ليس في ذمة رب المال وهذا هو شأن الشريك وبين أن يكونوا أجراء ، ويعضده اختصاص رب المال بضياع المال وغرامته فلا يكون على العامل منه شيء ولأن ما يأخذه معاوضة على عمله وهذا هو شأن الأجراء ومقتضى الشركة أن تملك بالظهور ومقتضى الإجارة أن لا تملك إلا بالقسمة والقبض فاجتماع هذه الشوائب سبب الخلاف فمن غلب الشركة كمل الشروط في حق كل واحد منهما ومن غلب الإجارة جعل المال وربحه لربه فلا يعتبر العامل أصلا التهم في رد الشهادات وابن القاسم رحمه الله صعب عليه إطراح أحدهما بالكلية فرأى أن العمل بكل واحد منهما من وجه أولى .
وهي القاعدة المقررة في أصول الفقه فاعتبر وجها من الإجارة ووجها من الشركة فوقع التفريع هكذا متى كان العامل ورب المال كل واحد فيهما مخاطب بوجوب الزكاة منفردا فيما ينوبه وجبت عليهما ، وإن لم يكن فيهما مخاطب بوجوب الزكاة لكونهما عبدين أو ذميين ، أو لقصور المال وربحه عن النصاب وليس لربه غيره سقطت عنهما ، وإن كان أحدهما مخاطبا بوجوب الزكاة وحده .
وقال ابن القاسم : متى سقطت عن أحدهما إما العامل ، أو رب المال سقطت عن العامل في الربح أما إن سقطت عنه فتغليبا لحال نفسه عليه وتغليبا لحال الشركة وشائبتها .
وأما إن سقطت عن رب المال فتسقط أيضا عن العامل في حصته من الربح تغليبا لشائبة الإجارة وهو كونه استأجر أجيرا فقبض أجرته استأنف بها الحول فكذلك هذا العامل ورأى رحمه الله اعتبار رب المال فتجب في حصة الربح تبعا لوجوبها في الأصل ؛ لأنه يزكي ملكه ، وأن ربح المال مضموم إلى أصله على أصل أشهب رحمه الله فيمن مالك فإنه يزكي ويقدر الربح كامنا من أول الحول إلى آخره [ ص: 199 ] وكذلك أولاد المواشي إذا كمل بها نصابها فمتى خوطب رب المال وجبت على العامل ، وإن لم يكن أصلا تغليبا لهذا الأصل وهو ضم الربح إلى الأصل في الزكاة ووقع في الموازية : يعتبر حال العامل في نفسه فإن كان أهلا بالنصاب وغيره زكى ، وإلا فلا تغليبا لشائبة الشركة فالفرق يتخرج بين هاتين القاعدتين . اتجر بدينار فصار في آخر الحول نصابا
[ ص: 197 - 199 ]