( الفرق السادس والأربعون والمائة بين قاعدة وبين قاعدة ما يحرم بالنسب ) ما لا يحرم بالنسب
اعلم أن الإنسان تحرم عليه النسب أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وإن علا فالأصول الآباء والأمهات وإن علوا والفصول الأبناء وأبناء الأبناء وإن [ ص: 119 ] سفلوا وفصول الأول أول الأصول الإخوة والأخوات وأولادهم وإن سفلوا احترازا من فصول ثاني الأصول وثالثها وإن علا ذلك فإنهم أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات وهن مباحات لقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك } وأول فصل من كل أصل يندرج فيه أولاد الأجداد والجدات وهم الأعمام والعمات والأخوال والخالات وقولنا أول فصل احترازا من ثاني فصل من أول الأصول فإن ثاني فصل فصل أولاد الأعمام والعمات وأولاد الخال والخالات فإنهن مباحات فلذلك أطلق في الضابط في الآباء والأمهات والفصول مطلقا ليندرجوا هم وأولادهم وقيل في غير أول فصول أول فصل من كل أصل لهذا المعنى فانضبط المحرم على الرجال والنساء لهذا الضابط ودليله قوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } وأجمعت الأمة على أن المراد بهذا اللفظ القريب والبعيد من كل نوع واللفظ صالح له لقوله تعالى { يا بني آدم } { يا بني إسرائيل } { ملة أبيكم إبراهيم } .
ثم قال { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } احترازا من زوجات أبناء التبني دون الرضاع ثم قال { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } وقال قبل ذلك { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } يريد في الجاهلية فإنه معفو عنه { } وحرم عليه السلام من الرضاع ما يحرم من النسب
( تنبيه ) قال اللخمي إذا لم تكن خالة فقد يتزوج الرجل المرأة ولكل واحد منهما ولد فالولد منهما تحل له ابنة المرأة من غير أبيه وكل عمة حرمت قد لا تحرم أختها لأنها قد لا تكون أخت أبيه ولا أخت جده كل أم حرمت بالنسب حرمت أختها وكل أخت حرمت لا تحرم أختها
( فائدة ) قول العلماء الآباء وإن علوا والأبناء وإن سفلوا مع أنه لو عكس لاستقام فإن الأبناء فروع والفرع شأنه أن يكون أعلى من أصله وفرع الفرع أعلى من الفرع في الشجرة والأصل أسفل وأصل الأصل أسفل من الأصل وهذا يناسب عكس ما قالوه فما مستند قولهم
( والجواب ) أن قولهم [ ص: 120 ] إشارة إلى أن مبدأ الإنسان من نطفة أبيه .
والنطفة تنزل من الأب والنازل من الشيء يكون أسفل منه وابن الابن من الابن ومقتضى هذا أن تقول الأبناء وإن سفلوا والآباء وإن علوا واللفظان مجازان إشارة لهذا المعنى من التخيل لما ذكره السائل وقد يلاحظ في اللفظ علاقة هي ضد علاقة أخرى ذلك لاختيار المتكلم المتجوز وهذه العبارة اصطلاح ولهم في اصطلاحهم ذلك .