( الفرق الثاني والستون والمائة بين قاعدة وبين قاعدة ما لا يشترط ) ما يشترط في الطلاق من النية
اعلم أن النية شرط في الصريح إجماعا ، وليست شرطا فيه إجماعا وفي اشتراطها قولان ، وهذا هو متحصل الكلام الذي في كتب الفقهاء وهو ظاهر التناقض ولا تناقض فيه فحيث قال الفقهاء إن النية شرط في الصريح فيريدون القصد لإنشاء الصيغة احترازا من سبق اللسان لما لم يقصد مثل أن فلا يلزمه شيء ؛ لأنه لم يقصد اللفظ وحيث قالوا النية ليست شرطا في الصريح فمرادهم القصد لاستعمال الصيغة في معنى الطلاق فإنها لا تشترط في الصريح إجماعا وإنما ذلك من خصائص الكنايات أن يقصد بها معنى الطلاق . يكون اسمها طارقا فيناديها فيسبق لسانه فيقول لها يا طالق
وأما الصريح فلا وحيث قالوا في قولان فيريدون بالنية هاهنا الكلام النفسي وأنهم يطلقون النية ويريدون الكلام النفسي وإلا فمن اشتراط النية في الصريح لا يلزم بذلك طلاق إجماعا وإنما المراد إذا أنشأ طلاقها بكلامه النفسي كما ينشئه بكلامه اللساني فيعبرون عنه بالنية وعبر عنه قصد وعزم على طلاق امرأته ، ثم بدا له باعتقاد بقلبه فقال ، ومن ابن الجلاب ففي لزوم الطلاق له قولان والاعتقاد لا يلزم به طلاق إجماعا اعتقد الطلاق بقلبه ولم يلفظ بلسانه
فلو بقيت له زوجة إجماعا وإنما المراد الكلام النفسي فالمشهور اشتراطه كما قاله اعتقد الإنسان أنه طلق امرأته . ثم تبين له بطلان اعتقاده أبو الوليد في المقدمات وأنه إذا طلق بلسانه لا بد أن يطلق أيضا بقلبه فظهر أنه لا تناقض في كلامهم وأنها أحوال مختلفة وفي الفرق أربع مسائل توضحه
( المسألة الأولى ) قال في المدونة لو مالك لا شيء عليه حتى ينوي طلاقها بما تلفظ به فيجتمع اللفظ والنية ، ولو أراد التلفظ بالطلاق فقال اشربي أو نحوه لزمه الثلاث قال قال أنت طالق ألبتة ونيته واحدة فسبق لسانه للبتة إذا كان عليه بينة فلذلك لم ينوه يريد أن اللفظ وحده لا يلزم به الطلاق وهو لم يوجد منه نية مع لفظ الثلاث فلذلك لا يلزمه ثلاث في الفتيا ويلزمه الثلاث في القضاء بناء على الظاهر سحنون