( الفرق الرابع والمائتان بين وبين قاعدة ما ليس له أخذه ) قاعدة ما للمستأجر أخذه من ماله بعد انقضاء الإجارة
الفرق بين هاتين القاعدتين مبني على قاعدة ، وهي أن الشرع لا يعتبر من المقاصد إلا ما تعلق به غرض صحيح محصل لمصلحة أو دارئ لمفسدة لذلك لا يسمع الحاكم التي لا يتشاح العقلاء فيها عادة كالسمسمة ، ونحوها فلهذه القاعدة أيضا لا يقبل الدعوى في الأشياء التافهة الحقيرة ، وكذلك البناء العظيم الذي لا قيمة له بعد الهدم ، وإن عظمت قيمته قبل الهدم ، وكذلك المستحق منه ، والغاصب ونحوهما الجميع في ذلك سواء لأن قلعه لمجرد الفساد لا لحصول مصلحة تحصل للقالع ، ولا لدرء مفسدة عنه فيتعين بقاؤه في الأرض المستأجرة ينتفع به صاحب الأرض ، ويحصل له بسببه تلك المالية العظيمة ، ويعطيه له بغير شيء فإنه مستحق الإزالة شرعا ، وعلى تقدير الإزالة تبطل تلك المالية فهي مالية مستهلكة على ، واضعها شرعا ، والمستهلك شرعا لا يجب فيه قيمة ، ويؤيد ذلك { قول المستأجر في قلع الأشياء التي لا قيمة لها بعد القلع ، وإن كانت عظيمة المالية قبل القلع } ، وهدم مثل هذا البناء . نهيه عليه السلام عن إضاعة المال
وقلع مثل هذا الشجر إضاعة للمال فوجب المنع منه فلهذه القاعدة أجمع الناس على أن العروض تتعين بالتعيين ، وكذلك الحيوان والطعام لأن لهذه الأشياء من الخصوصيات والأوصاف ما تتعلق به الأغراض الصحيحة ، وتميل إليه العقول السليمة ، والنفوس الخالصة لما في تلك المعنيات من الملاذ [ ص: 8 ] الخاصة في تلك الأعيان ، ومقتضى هذه القاعدة أنه إذا عين صاعا من صبرة ، وباعه أنه لا يتعين لأن الأغراض الصحيحة مستوية في أجزاء الصبرة غير أني لا أعلم أحدا قال بعدم التعين .
واختلفوا في ثلاثة أقوال : ثالثها إن عينها الدافع تعينت لأنه أملك بها ، وهو مالكها ، وإن عينها القابض لا تتعين إلا أن تختص بصفة حلي أو سكة رائجة أو غير ذلك تعينت اتفاقا ، وهذه الأقوال الثلاثة عندنا ، وبالتعيين قال الدنانير والدراهم إذا عينت هل تتعين أم لا ، والمشهور عندنا عدم التعيين فبهذه القاعدة يظهر الفرق بين ما للمستأجر أن يأخذه من ماله ، وما لا يأخذه منه . الشافعي