الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
251 \ 2323 - عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=674001عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=2543_2476_30494_30495من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر
وأخرجه الباقون إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري
[ ص: 129 ] قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث قد اختلف فيه، فأورده nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه.
وضعفه غيره، وقال: هو من رواية سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد، قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه: سعد بن سعيد ضعيف، كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل: يحيى بن سعيد الثقة المأمون، أحد الأئمة، nindex.php?page=showalam&ids=16506وعبد ربه بن سعيد لا بأس به، وسعد بن سعيد ثالثهم ضعيف.
وذكر عبد الله بن الزبير الحميدي هذا الحديث في مسنده: وقال الصحيح موقوف.
وقد روى الإخوة الثلاثة هذا الحديث عن عمر بن ثابت.
فمسلم أورده من رواية سعد بن سعيد.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديثه مرفوعا، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد موقوفا.
ورواه أيضا من حديث يحيى بن سعيد مرفوعا.
[ ص: 130 ] وقد رواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=702223صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام [من شوال] بشهرين، فذاك صيام سنة " رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، وفي لفظ له أيضا: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " nindex.php?page=hadith&LINKID=702223جعل الله الحسنة بعشرة، فشهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة "
قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=99وثوبان،
وقد أعل حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب من جهة طرقه كلها.
أما رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فبسعد بن سعيد.
وأما رواية أخيه يحيى، فقال النسائي: فيه عتبة، ليس بالقوي، يعني راويه عن عبد الملك بن أبي بكر عن يحيى.
وأما حديث عبد ربه، فإنما رواه موقوفا.
وهذه العلل - وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح - فإنها لا توجب وهنه، وقد تابع سعدا ويحيى وعبد ربه عن عمر بن ثابت: عثمان بن عمرو الحراني عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، لكن قال عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن أبي أيوب.
[ ص: 131 ] ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، فهؤلاء خمسة: يحيى، وسعيد، nindex.php?page=showalam&ids=16506وعبد ربه، بنو سعيد، nindex.php?page=showalam&ids=16228وصفوان بن سليم، وعثمان بن عمرو الحراني كلهم رووه عن عمرو.
فالحديث صحيح.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان: فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه.
ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=934444nindex.php?page=treesubj&link=2543من صام رمضان وستا من شوال فقد صام السنة " ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه.
ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=694628من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب عن عمرو بن جابر الحضرمي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن جابر ضعيف، ولكن قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي: هو [ ص: 132 ] صالح، له نحو عشرين حديثا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصبهاني: روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مثله.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: فرواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورواه من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن أبيه، ورواه إسماعيل بن رافع عن أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
وهذه الطرق تصلح للاعتبار والاعتضاد.
وقد احتج أصحاب السنن الأربعة بليث، وقد روى حديث nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في [ ص: 133 ] كتاب العلل: سمعت أبي، وذكر حديثا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16070سويد بن عبد العزيز عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث عن nindex.php?page=showalam&ids=11824أبي الأشعث الصنعاني عن أبي أسماء عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=74090من صام رمضان وأتبعه بست من شوال " قال أبي: هذا وهم من سويد، قد سمع nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث هذا الحديث من أبي أسماء، إنما أراد سويد: ما حدثنا صفوان بن صالح أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17069مروان الطاطري عن nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة عن يحيى بن الحارث عن أبي الأشعث الصنعاني عن nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من صام رمضان - الحديث " وهذا إسناد ثقات كلهم، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم بعد ذلك: سئل أبي عن حديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=17069مروان الطاطري عن nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة ؟ - وذكر هذا الحديث حديث -: nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس قال: سمعت أبي يقول: الناس يروون عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث عن أبي أسماء عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت لأبي: أيهما الصحيح ؟ قال: جميعا صحيحين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: حدثنا إبراهيم بن محمد الرقي أخبرنا أبو همام أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة عن إسحاق بن عبد الله قال: حدثني سعد بن سعيد عن [ ص: 134 ] nindex.php?page=showalam&ids=16558عدي بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=702223من صام ستة أيام بعد الفطر فكأنما صام الدهر كله "، ويحيى بن حمزة قاضي دمشق صدوق، وأبو همام الوليد بن شجاع السكوني أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وهذا غريب، لعله اشتبه على بعض رواته عمر بن ثابت بعدي بن ثابت، وتأكد الوهم بجعله عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب، لكثرة رواية nindex.php?page=showalam&ids=16558عدي بن ثابت عنه.
فاختلف أهل العلم في القول بموجب هذه الأحاديث.
فذهب أكثرهم إلى القول باستحباب صومها.
منهم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وغيرهم.
وكرهها آخرون.
منهم: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف: كان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يصومها في خاصة نفسه.
قال: وإنما كره صومها لئلا يلحق أهل الجهالة ذلك برمضان.
فأما من يرغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه.
وقد اعترض بعض الناس على هذه الأحاديث باعتراضات، نذكرها، [ ص: 135 ] ونذكر الجواب عنها إن شاء الله تعالى.
الاعتراض الأول: تضعيفها.
قالوا: وأشهرها: حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب، ومداره على سعد بن سعيد، وهو ضعيف جدا، تركه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وأنكر عليه هذا الحديث، وقد ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: تكلموا فيه من قبل حفظه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: ليس بالقوي، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد.
وجواب هذا الاعتراض: أن الحديث قد صححه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره.
وأما قولكم: يدور على سعد بن سعيد، فليس كذلك، بل قد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد، أخو سعد المذكور، nindex.php?page=showalam&ids=16506وعبد ربه بن سعيد، وعثمان بن عمرو الحراني.
أما حديث صفوان: فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان.
وأما حديث يحيى بن سعيد: فرواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار عن صدقة بن خالد، (متفق عليهما)، عن عتبة بن أبي حكيم.
وثقه الرازيان nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن [محمد بن] عمرو بن حزم [ ص: 136 ] وإسماعيل بن إبراهيم الصائغ: ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر به.
فإن قيل: فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث، وهو أثبت ممن ذكرت، عن يحيى بن سعيد عن أخيه سعد بن سعيد عن عمرو بن ثابت، فدل على أن يحيى بن سعيد لم يروه عن عمر بن ثابت وإلا لما رواه عن أخيه عنه، ورواه إسحاق بن أبي فروة عن يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=16558عدي بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء، فقد اختلف فيه.
قيل: رواية عبد الملك ومن معه عن يحيى بن سعيد أرجح من رواية حفص بن غياث؛ لأنهم أتقن وأكثر، وأبعد عن الغلط، ويحتمل أن يكون يحيى سمعه من أخيه، فرواه كذلك، ثم سمعه من عمر، ولهذا نظائر كثيرة،
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد عن أخيه يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، فإن كان يحيى إنما سمعه من أخيه سعد فقد اتفقت فيه رواية الإخوة الثلاثة له، بعضهم عن بعض. [ ص: 137 ]
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد فذكره nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، وكذلك حديث عثمان بن عمرو الحراني.
وبالجملة: فلم ينفرد به سعد، سلمنا انفراده به، لكنه ثقة صدوق، روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وروى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان بن بلال، وهؤلاء أئمة هذا الشأن.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: كان nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أمة وحده في هذا الشأن، قال عبد الله: يعني في الرجال وبصره بالحديث، وتثبته، وتنقيته للرجال: وقال محمد بن سعد: شعبة أول من فتش عن أمر المحدثين، وجانب الضعفاء والمتروكين، وصار علما يقتدى به، وتبعه عليه بعده أهل العراق.
وأما ما ذكرتم من تضعيف nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي فصحيح.
وأما ما نقلتم عن nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان: فإنما قاله في سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وليس في كتابه غيره، وأما سعد بن سعيد الأنصاري المدني [ ص: 138 ] فإنه ذكره في كتاب الثقات وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي عن nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين: سعد بن سعيد صالح، وقال محمد بن سعد: ثقة، قليل الحديث، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كان سعد بن سعيد مؤديا، يعني أنه كان يحفظ ويؤدي ما سمع.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، تقرب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه بأسا مقدار ما يرويه، ومثل هذا إنما يتقى ما ينفرد به، أو يخالف به الثقات، فأما إذا لم ينفرد وروى ما رواه الناس فلا يطرح حديثه.
سلمنا ضعفه لكن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلما إنما احتج بحديثه؛ لأنه ظهر له أنه لم يخطئ فيه بقرائن ومتابعات وشواهد دلته على ذلك، وإن كان قد عرف خطؤه في غيره، فكون الرجل يخطئ في شيء لا يمنع الاحتجاج به فيما ظهر أنه لم يخطئ فيه، وهكذا حكم كثير من الأحاديث التي خرجاها، وفي إسنادها من تكلم فيه من جهة حفظه، فإنهما لم يخرجاها إلا وقد وجد لها متابع.
وههنا دقيقة ينبغي التفطن لها، وهي أن الحديث الذي روياه أو [ ص: 139 ] أحدهما واحتجا برجاله أقوى من حديث احتجا برجاله: ولم يخرجاه، فتصحيح الحديث أقوى من تصحيح السند.
فإن قيل: فلم لا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ؟
قيل: هذا لا يلزم؛ لأنه رحمه الله لم يستوعب الصحيح وليس سعد بن سعيد من شرطه، على أنه قد استشهد به في صحيحه، فقال في كتاب الزكاة: وقال سليمان عن سعد بن سعيد عن عمارة بن غزية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=886212أحد جبل يحبنا ونحبه ".
الاعتراض الثاني: أن هذا الحديث قد اختلف في سنده على عمر بن ثابت، فرواه أبو عبد الرحمن المقرئ عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد عن عمر بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب موقوفا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي.
وأخرجه أيضا من حديث عثمان بن عمرو بن ساج عن عمر بن [ ص: 140 ] ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب، وهذا يدل على أن طريق سعد بن سعيد غير متصلة، حيث لم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر بين عمر بن ثابت وأبي أيوب،
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش عن محمد بن أبي حميد عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب.
فدل على أن لرواية nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر له عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب أصلا.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي عن ورقاء بن عمر اليشكري عن سعد بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب.
وهذا الاختلاف يوجب ضعفه.
والجواب: أن هذا لا يسقط الاحتجاج به، أما رواية nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد له موقوفا، فإما أن يقال: الرفع زيادة.
وإما أن يقال: هو مخالفة وعلى التقديرين: فالترجيح حاصل بالكثرة والحفظ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد - وهما إمامان جليلان - وسعد بن سعيد - وهو ثقة محتج به في الصحيح - اتفقوا على رفعه، وهم أكثر وأحفظ على أن المقرئ لم يتفق عنه على وقفه.
بل قد رواه أحمد بن يوسف السلمي شيخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وعقيل بن يحيى جميعا عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن [ ص: 141 ] nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد عن عمر بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب مرفوعا ذكره ابن منده، وهو إسناد صحيح موافق لرواية الجماعة، ومقو لحديث nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم وسعد بن سعيد.
وأيضا فقد رواه محمد بن جعفر غندر عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن ورقاء عن سعد بن سعيد مرفوعا، كرواية الجماعة، وغندر أصح الناس حديثا في nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، حتى قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي ابن المديني: هو أحب إلي من nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي في nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، فمن يكون مقدما على nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يكون قوله أولى من المقرئ.
وأما حديث عثمان بن ساج، فقال أبو القاسم بن عساكر في أطرافه عقب روايتها: هذا خطأ، والصواب: عن عمر بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب، من غير ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر.
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي: nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان والوليد ابنا عمرو بن ساج، يكتب حديثهما ولا يحتج به، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: رأيت عنده كتبا في غير هذا.
فإذا أحاديث تشبه أحاديث محمد بن أبي حميد، فلا أدري: أكان سماعه من [ ص: 142 ] محمد أم من أولئك المشيخة ؟ فإن كانت تلك الأحاديث أحاديثه عن أولئك المشيخة ولم يكن سمعه من محمد فهو ضعيف.
وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش له عن محمد بن أبي حميد: فإسماعيل بن عياش ضعيف في الحجازيين، ومحمد بن حميد متفق على ضعفه ونكارة حديثه، وكأن ابن ساج سرق هذه الرواية عن محمد بن حميد، والغلط في زيادة nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر منه.
والله أعلم.
وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي: فمن رواية عبد الله بن عمران الأصبهاني عنه، قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان: كان يغرب، وخالفه nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب، فرواه عن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن ورقاء بن عمر عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت، موافقة لرواية الجماعة.
فإن قيل: فالحديث - بعد هذا كله - مداره على عمر بن ثابت الأنصاري، لم يروه عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب غيره، فهو شاذ، فلا يحتج به !.
قيل: ليس هذا من الشاذ الذي لا يحتج به، وكثير من أحاديث الصحيحين بهذه المثابة: كحديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=12419الأعمال بالنيات " وتفرد علقمة بن [ ص: 143 ] وقاص به، وتفرد محمد بن إبراهيم التيمي به عنه، وتفرد يحيى بن سعيد به عن التيمي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى: قال لي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: ليس الشاذ أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.
وأيضا فليس هذا الأصل مما تفرد به عمر بن ثابت، لرواية nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان وغيره له عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ترجم nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان على ذلك في صحيحه، فقال - بعد إخراجه حديث عمر بن ثابت -: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب، وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث الذماري عن nindex.php?page=showalam&ids=11806أبي أسماء الرحبي عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه.
ولكن لهذا الحديث علة، وهي أن nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث به.
والوليد مدلس، وقد عنعنه، فلعله وصله مرة، ودلسه أخرى.
[ ص: 144 ] وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة ومحمد بن شعيب بن شابور، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث الذماري به.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند عن أبي اليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش، عن nindex.php?page=showalam&ids=17304يحيى بن الحارث به، وقد صحح الحديث nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي، وإسماعيل إذا روى عن الشاميين فحديثه صحيح، وهذا إسناد شامي.
الاعتراض الثالث: أن هذا الحديث غير معمول به عند أهل العلم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطأ: ولم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء، لو رأوا في ذلك رخصة عن أهل العلم، ورأوهم يعملون ذلك، تم كلامه
قال الحافظ أبو محمد المنذري: والذي خشي منه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قد وقع بالعجم، فصاروا يتركون المسحرين على عادتهم والفوانيس وشعائر رمضان إلى آخر الستة أيام، فحينئذ يظهرون شعائر العيد.
ويؤيد هذا ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في قصة الرجل الذي دخل المسجد وصلى [ ص: 145 ] الفرض، ثم قام يتنفل، فقام إليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وقال له " nindex.php?page=hadith&LINKID=908754اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك، فبهذا هلك من كان قبلنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصاب الله بك يا ابن الخطاب ".
بل نهي عن nindex.php?page=treesubj&link=26781الصوم بعد انتصاف شعبان حماية لرمضان أن يخلط به صوم غيره فكيف بما يضاف إليه بعده ؟
فيقال: الكلام هنا في مقامين:
أحدهما: في صوم ستة من شوال، من حيث الجملة
والثاني: في وصلها به.
أما الأول فقولكم: إن الحديث غير معمول به: باطل، وكون أهل المدينة في زمن مالك لم يعملوا به لا يوجب ترك الأمة كلهم له، وقد عمل به nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وغيرهم.
[ ص: 146 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: لم يبلغ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب، على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه مالك قد بينه وأوضحه: خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأن يسبق ذلك إلى العامة، وكان متحفظا كثير الاحتياط للدين، وأما صوم الستة الأيام على طلب الفضل، وعلى التأويل الذي جاء به nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان، فإن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله؛ لأن الصوم جنة، وفضله معلوم: يدع طعامه وشرابه لله، وهو عمل بر وخير، وقد قال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وافعلوا الخير لعلكم تفلحون nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك لا يجهل شيئا من هذا، ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك، وخشي أن يعد من فرائض الصيام، مضافا إلى رمضان،
وما أظن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا جهل الحديث؛ لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت، وأظن عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه، وقد ترك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عمر بن ثابت.
وقيل: إنه روى عنه، ولولا علمه به ما أنكر بعض شيوخه، إذ لم يثق بحفظه لبعض ما يرويه، وقد يمكن أن يكون جهل الحديث، ولو علمه لقال به، هذا كلامه.
[ ص: 147 ] وقال عياض: أخذ بهذا الحديث جماعة من العلماء.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره كراهية ذلك، ولعل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا إنما كره صومها على ما قال في الموطأ: أن يعتقد من يصومه أنه فرض، وأما على الوجه الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم فجائز.
وأما المقام الثاني: فلا ريب أنه متى كان في وصلها برمضان مثل هذا المحذور كره أشد الكراهة، وحمي الفرض أن يخلط به ما ليس منه، ويصومها في وسط الشهر أو آخره، وما ذكروه من المحذور فدفعه والتحرز منه واجب، وهو من قواعد الإسلام.
فإن قيل: الزيادة في الصوم إنما يخاف منها لو لم يفصل بين ذلك بفطر يوم العيد، فأما وقد تخلل فطر يوم العيد فلا محذور.
وهذا جواب nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد الإسفراييني وغيره.
قيل: فطر العيد لا يؤثر عند الجهلة في دفع هذه المفسدة.
لأنه لما كان واجبا فقد يرونه كفطر يوم الحيض، لا يقطع التتابع واتصال الصوم، فبكل حال ينبغي nindex.php?page=treesubj&link=2543تجنب صومها عقب رمضان إذا لم تؤمن هذه المفسدة.
nindex.php?page=treesubj&link=2543وهل لشوال بخصوصه مزية على غيره في ذلك، أم لا ؟
nindex.php?page=treesubj&link=2543وهل للست خصوصية على ما دونها وأكثر منها، أم لا ؟
وكيف يشبه من فعل ذلك بصيام الدهر، فيكون العمل اليسير مشبها للعمل الكثير من جنسه ؟ ومعلوم أن من عمل عملا وعمل الآخر بقدره مرتين لا يستويان فكيف يكون بقدره عشر مرات ؟
وهل فرق بين قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=911158فكأنما صام الدهر " وبين أن يقال: فكأنه قد صام الدهر ؟
وهل يدل الحديث على استحباب صيام الدهر، لأجل التشبيه، أم لا ؟ فالجواب: أما قوله " ست " ولم يقل " ستة " فالعرب إذا عدت الليالي والأيام فإنها تغلب الليالي إذا لم تضف العدد إلى الأيام، فمتى أرادوا عد الأيام عدوا الليالي، ومرادهم الأيام.
أحدهما: أن المراد به الرفق بالمكلف، لأنه حديث عهد بالصوم، فيكون أسهل عليه ففي ذكر شوال تنبيه على أن صومها في غيره أفضل، هذا الذي حكاه القرافي عن المالكية، وهو غريب عجيب.
الطريق الثاني: أن المقصود به nindex.php?page=treesubj&link=30494_30495المبادرة بالعمل، وانتهاز الفرصة، خشية الفوات.
قالوا: ولا يلزم أن يعطى هذا الفضل لمن صامها في غيره، لفوات مصلحة المبادرة والمسارعة المحبوبة لله.
قالوا: وظاهر الحديث مع هذا القول.
ومن ساعده الظاهر فقوله أولى.
ولا ريب أنه لا يمكن إلغاء خصوصية شوال، وإلا لم يكن لذكره فائدة.
وقال آخرون: لما كان صوم رمضان لا بد أن يقع فيه نوع تقصير وتفريط، وهضم من حقه وواجبه ندب إلى nindex.php?page=treesubj&link=2543صوم ستة أيام من شوال، جابرة له، ومسددة لخلل ما عساه أن يقع فيه.
فجرت هذه الأيام مجرى سنن الصلوات التي تفعل بعدها جابرة ومكملة، وعلى هذا: تظهر فائدة اختصاصها بشوال، والله أعلم.
[ ص: 150 ] فهذه ثلاث مآخذ.
ويقوي هذا الجواب السؤال الثالث: وهو اختصاصها بهذا العدد، دون ما هو أقل وأكثر، فقد أشار في الحديث إلى حكمته، فقال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=661860من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، فثلاثين بثلاثمائة، وستة بستين، وقد صام السنة "
وكذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=702223 " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " لفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه.
وأخرجه صاحب المختارة.
ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=702223 " صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين.
فذلك صيام سنة " يعني صيام رمضان وستة أيام بعده،
فهذه هي الحكمة في كونها ستة.
وأما ما ذكره بعضهم من أن الستة عدد تام، فإنها إذا جمعت أجزاؤها قام منها عدد السنة.
فإن أجزاءها النصف والثلث والسدس، ويكمل بها، بخلاف الأربعة والاثني عشر وغيرهما، فهذا لا يحسن، ولا يليق أن يذكر في أحكام الله ورسوله.
وينبغي أن يصان الدين [ ص: 151 ] عن التعليل بأمثاله.
وأما السؤال الرابع: وهو تشبيه هذا الصيام بصيام الدهر، مع كونه عشره فقد أشكل هذا على كثير من الناس.
وقيل في جوابه: إن من صام رمصان وستة من شوال من هذه الأمة فهو كمن صام السنة من الأمم المتقدمة.
وقالوا: لأن nindex.php?page=treesubj&link=34508_2543تضعيف الحسنات إلى عشر أمثالها من خصائص هذه الأمة.
وأحسن من هذا أن يقال: العمل له بالنسبة إلى الجزاء اعتباران: اعتبار المقابلة والمساواة وهو الواحد بمثله، واعتبار الزيادة والفضل، وهو المضاعفة إلى العشر، فالتشبيه وقع بين العمل المضاعف ثوابه، وبين العمل الذي يستحق به مثله، ونظير هذا: قوله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=662575من صلى عشاء الآخرة في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة فكأنما قام ليلة ".
أما السؤال الخامس، وهو الفرق بين أن يقول: " nindex.php?page=hadith&LINKID=911158فكأنما قد صام الدهر " وبين قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=911158فكأنما صام الدهر "، هو أن المقصود تشبيه الصيام بالصيام.
ولو قال: فكأنه قد صام الدهر، لكان بعيدا عن المقصود، فإنه حينئذ يكون تشبيها للصائم بالصائم.
فمحل التشبيه هو الصوم، لا الصائم، ويجيء الفاعل لزوما، ولو شبه الصائم لكان هو محل التشبيه، ويكون مجيء الصوم لزوما، وإنما كان قصد تشبيه الصوم أبلغ وأحسن لتضمنه تنبيه السامع على قدر [ ص: 152 ] الفعل وعظمه وكثرة ثوابه، فتتوفر رغبته فيه.
وأما السؤال السادس - وهو الاستدلال به على استحباب صيام الدهر - فقد استدل به طائفة ممن يرى ذلك.
قالوا: ولو كان صوم الدهر مكروها لما وقع التشبيه به، بل هذا يدل على أنه أفضل الصيام
وهذا الاستدلال فاسد جدا من وجوه.
أحدها: أن في الحديث نفسه أن وجه التشبيه هو أن الحسنة بعشر أمثالها، فستة وثلاثون يوما بسنة كاملة، ومعلوم قطعا أن صوم السنة الكاملة حرام بلا ريب، والتشبيه لا يتم إلا بدخول العيدين وأيام التشريق في السنة، وصومها حرام، فعلم أن التشبيه المذكور لا يدل على جواز وقوع المشبه به فضلا عن استحبابه فضلا عن أن يكون أفضل من غيره.
ونظير هذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن عمل يعدل الجهاد ؟ فقال " nindex.php?page=hadith&LINKID=663914لا تستطيعه.
هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تقوم فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر ؟ قال: لا.
قال: فذلك مثل المجاهد "، ومعلوم أن هذا المشبه به غير مقدور ولا مشروع.
فإن قيل: يحمل قوله " فكأنما صام الدهر " على ما عدا الأيام المنهي عن صومها.
قيل: تعليله صلى الله عليه وسلم حكمة هذه المقابلة، وذكره الحسنة بعشر أمثالها، وتوزيع الستة والثلاثين يوما على أيام السنة: يبطل هذا الحمل.
[ ص: 153 ] الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن صام الدهر، فقال " nindex.php?page=hadith&LINKID=663068لا صام ولا أفطر، وفي لفظ لا صام من صام الأبد " فإذا كان هذا حال صيام الدهر فكيف يكون أفضل الصيام ؟
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيحين أنه قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=653165أفضل الصيام صيام داود " وفي لفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=651843لا أفضل من صوم داود: كان يصوم يوما ويفطر يوما "
فهذا النص الصحيح الصريح الرافع لكل إشكال، يبين أن nindex.php?page=treesubj&link=2548صوم يوم وفطر يوم أفضل من سرد الصوم.
مع أنه أكثر عملا.
وهذا يدل على أنه مكروه؛ لأنه إذا كان الفطر أفضل منه لم يمكن أن يقال بإباحته واستواء طرفيه.
فإن العبادة لا تكون مستوية الطرفين ولا يمكن أن يقال: هو أفضل من الفطر لشهادة النص له بالإبطال، فتعين أن يكون مرجوحا، وهذا بين لكل منصف.