الكافرين [البقرة: 34] دون غيره; فلتوالي الكسرات بعد ألفه; ولذلك لم يمل ومن خص إمالة الكافرون ، ولا أول كافر به [البقرة: 41]; لزوال كسرة الراء في الوقف، ولم يمل -من أمال الكافرين - الشاكرين [آل عمران: 144]، والذاكرين [الأحزاب: 35]; لقلة دورهما، والإمالة فيما كثر دوره أولى; لأنها تخفيف، وما قل لم يستثقل.
وقد تقدم ذلك. وعلة إمالة ذوات الياء معروفة; وهي الدلالة،
والمواضع التي خالف فيها أصله: منها ما قصد به الجمع بين اللغتين; [ ص: 258 ] نحو: حمزة هدان [الأنعام: 80]، و آتاني [مريم: 30]، ومنها ما له فيها علة; كقوله: هداي [البقرة: 38]، ومحياي [الأنعام: 162]، و مثواي [يوسف: 23]; فإنه ترك إمالتها; لئلا تشبه بالإمالة لغة من قال: {هدي}; ولذلك فتح (يا بشراي) [يوسف: 19]. أبو عمرو
واختصاص إمالة ما قبل ألفه راء من الألفات دون ما لا راء قبل ألفه; لأن العرب تؤثر الإمالة في الراء، ومن أجلها، روى ذلك أبي عمرو وغيره من أهل العربية. الكسائي
وإمالة رأى [الأنعام: 76] وجهها: حمل الماضي على المستقبل; [لأن من أصله إمالة المستقبل]، وفتح رائه; لتوالي الكسرات، ومن أمال فتحة الراء; فهو الذي قدمنا أنه أماله لإمالة; ليكون اللسان عاملا عملا واحدا، ولم يفعل ذلك في نحو: رمى [الأنفال: 17]; لأن الهمزة أقوى في جذب الراء إلى حكمها.
[ ص: 259 ] ومن أمال الراء في نحو: رأى القمر [الأنعام: 77] في الوصل; فليدل على المحذوف الموجب للإمالة; كما قالوا: (شهد) في (شهد)، فكسروا الشين بعد إسكان الهاء الموجبة لكسرها.
ومن أمال رأى وهو لا يميل نظيره، ولا مستقبله; فعلى وجه الجمع بين اللغتين، وكذلك القول لكل من أمال شيئا وفتح مثله.
وإمالة أبي عمرو أعمى الأول من (بني إسرائيل) [الإسراء: 72]; لأن معناهما مختلف; لأن الأول نعت; ومعناه: العمى عن الهدى، وهو مجاز، ولا يبنى منه (أفعل منك)، والثاني يراد به: عمى العين، فهو يستعمل منه (أفعل منك)، فـ (من) محذوفة مقدرة; كما كانت في نحو: (الله أكبر)، ففرق بين لفظيهما بالإمالة; لاختلاف معنييهما، وكان الأول أولى بالإمالة; لأن الألف فيه طرف، والأطراف مواضع التغيير، وألف الثاني في تقدير متوسط; للحذف المقدر بعدها.
وتقدم القول: إن علة إمالة ألف التأنيث رجوعها إلى الياء في بعض الأحوال، وكذلك ألف نحو: يتامى [النساء: 127] و سكارى [النساء: 43].
[ ص: 260 ] وجعل الألف بين اللفظين في نحو: (سلوى)، و أبي عمرو إحدى [الأنفال: 7]، و الدنيا [البقرة: 85]، ولم يمل; كراهة أن يرجع إلى مثل ما فروا منه; وهو الياء.
وقراءته هو ومن وافقه ما توالى في رؤوس الآي من ذوات الياء بين اللفظين; لأن رؤوس الآي مواضع للوقف، والألف تخفى في الوقف، فقربها من الياء; للبيان، ونظيره قول من قال في الوقف: (أفعى)، دون الوصل، هذا على أنه نوى الوقف على هذه المواضع.
وقراءته ما وقع بين ذوات الياء من ذوات الواو بين اللفظين; ليوافق بين لفظ رؤوس الآي، ولأن ذوات الواو ترجع إلى الياء في بعض الأحوال; كما قدمناه.
ومن أمال شاء [البقرة: 20]، و جاء [النساء: 43]، وأخواتهما; فلاجتماع علتين: انقلاب الألف التي هي عين عن الياء، وانكسار الفاء في نحو (شئت)، و (جئت)، وهاتان العلتان في الأفعال المذكورة كلها سوى خاف [ ص: 261 ] [البقرة: 182]; فهو من ذوات الواو، وليس فيه إلا سبب واحد، ومن خص شاء ، و جاء ; فلكثرة دورهما، ومن خص بعضا دون بعض; فللجمع بين اللغتين.