الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: {سورة أنـزلناها}; بالنصب; فبإضمار فعل من لفظ (أنزل) ، ومن غير لفظه، فإن قدر من لفظه; فالتقدير: أنزلنا سورة أنزلناها، فأضمر (أنزلنا) وفسره بقوله: {أنـزلناها} ، ولا تكون {أنـزلناها} على هذا صفة; لأن الصفة لا تفسر ما يعمل في الموصوف.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 528 ] وإن قدر الفعل من غير لفظ (أنزل) ; فالتقدير: اقرأ سورة أنزلناها، وشبهه، فـ {أنـزلناها} وما عطف عليه - على هذا - صفة لـ {سورة} ; لأنه غير مفسر للعامل في {سورة} .

                                                                                                                                                                                                                                      والرفع بالابتداء، والخبر مضمر; والتقدير: فيما يتلى عليكم سورة أنزلناها، أو يكون خبر مبتدأ محذوف; التقدير: هذه سورة أنزلناها، وقوله: {أنـزلناها} وما بعده أيضا نعت لـ{سورة}،وتقدير {فرضناها} : فرضنا فرائضها، فحذف المضاف; لأن نفس السورة لم تفرض، إنما فرضت الأحكام التي فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {الزانية والزاني} من قرأ بالنصب; فنصبه بفعل مضمر; كأنه قال: اجلدوا الزانية والزاني، ثم فسره بقوله: {فاجلدوا كل واحد منهما} ، ودخلت الفاء فيه; لأنه موضع أمر، والأمر مضارع للشرط.

                                                                                                                                                                                                                                      والرفع على معنى: وفيما يتلى عليكم الزانية والزاني، أو على الابتداء، والخبر: {فاجلدوا} ; كقولك: (زيد فاضربه) ، وقد تقدم القول في ذلك مبسوطا في قوله: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة: 38].

                                                                                                                                                                                                                                      وفتح الهمزة وإسكانها من (الرأفة) : لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم لم يأتوا بأربعة شهداء : من قرأ بالإضافة; فلأن (الشهداء) وإن [ ص: 529 ] كان صفة في الأصل; فقد استعمل استعمال الاسم الصريح في الكلام، فجرى مجراه، وحسن إقامة الصفة فيه مقام الموصوف، وقوى ذلك: أن (الشهداء) لا يكونون إلا أناسي، فالصفة دالة على الموصوف، ولو كانت غير دالة على الموصوف; لقبح أن تقوم مقامه; نحو: (بأربعة طوال) ، ونحوه; لأن (الطويل) قد يوصف به غير الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نون; فلأن أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة لا تضاف إلى الأوصاف إلا على حد إقامة الصفة مقام الموصوف، فكان كون {شهداء} وصفا لـ {أربعة} أولى.

                                                                                                                                                                                                                                      إلا الذين تابوا : موضع {الذين} نصب على الاستثناء، أو جر على الحمل على الضمير في {لهم} من قوله: ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم : {شهداء} : اسم (كان) ، والخبر: {لهم} و {أنفسهم} : بدل من {شهداء} ، ولو نصب {شهداء} على أن يكون خبرا مقدما لـ {يكن} ، و {أنفسهم} اسما; لجاز، ولو نصب {أنفسهم} على أن يكون خبرا لـ {يكن} ، أو على الاستثناء; لجاز.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله : من قرأ: {أربع} بالرفع; فعلى [ ص: 530 ] أنه خبر المبتدأ الذي هو (شهادة) ، والباء في قوله: {بالله} من صلة {شهادات} وكذلك قوله: إنه لمن الصادقين ، ولا يجوز أن يكونا في صلة (شهادة) ; لئلا يفرق بين الصلة والموصول بالخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بالنصب; جاز أن يكون مفعولا به للمصدر الذي هو (شهادة) ; التقدير: فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات، فخبر الابتداء محذوف، أو يكون التقدير: فالحكم أن يشهد أحدهم أربع شهادات، فـ (شهادة) على هذا خبر ابتداء محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن ينتصب {أربع} انتصاب المصدر، ويكون قوله: إنه لمن الصادقين جملة مفعولا بها، والناصب لها: {فشهادة} ; والتقدير: فأن يشهد أحدهم إنه لمن الصادقين، و (الشهادة) بمنزلة العلم، فتتعلق بها (إن) ، والباء في {بالله} على هذا متعلقة بـ (شهادة) ، أو بـ {شهادات} ; على تقدير إعمال الفعل الثاني; لأن {شهادات} أقرب إلى الباء، وعلى تقدير إعمال الأول تكون الباء متعلقة بـ (شهادة) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 531 ] ولا يكون في {أربع} من قوله: أن تشهد أربع شهادات إلا النصب بـ {تشهد} ، و {أن} في موضع رفع {يدرؤا} ، والباء في {بالله} متعلقة بـ {شهادات} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والخامسة أن غضب الله : لا خلاف بين القراء في رفع {والخامسة} ههنا، ورفعها في قراءة من رفع أربع شهادات على العطف على {أربع} ، وفي قراءة من نصب على العطف على المعنى; لأن قوله: فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله معناه: فعليهم أربع شهادات، فعطف {والخامسة} على المعنى، ولو قرئ بنصبها على العطف على {أربع شهادات} لمن نصب; لجاز، ويجوز أيضا نصبها في قراءة من رفع {أربع شهادات} بإضمار فعل يدل عليه ما قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما {والخامسة} الثانية; فنصبها على العطف على {أربع} ، أو على إضمار فعل; التقدير: وتشهد الخامسة، والرفع على الابتداء.

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في أن لعنت الله عليه ، و أن غضب الله ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 532 ] ومن خفف ورفع; فـ{أن} مخففة من الشديدة، والحديث مضمر، وكذلك كل (أن) مخففة مفتوحة إذا كان بعدها اسم; لأنها موصولة، والموصول يتشبث بصلته أكثر من تشبث غير الموصول بما يتصل به، فأضمر فيها; ليدلوا على شدة اتصالها، فإن كانت مكسورة; لم يضمر فيها; لأنها غير موصولة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {أن غضب الله}; فإنما وليها الفعل، وهم يستقبحون أن يليها الفعل إذا خففت حتى يفصل بينهما بشيء; نحو: أن سيكون منكم مرضى [المزمل: 20]، وشبهه; لأن {غضب الله} يراد به الدعاء، فلم يصح أن يفصل بينهما، ومثله: نودي أن بورك من في النار ومن حولها [النمل: 8].

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يصلح أن تكون الناصبة للفعل; لأنها قد وقعت بعد (الشهادة) ، و (الشهادة) بمنزلة العلم، والعلم لا يقع بعده إلا الشديدة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يصح أن تكون بمعنى: (أي) ; للعبارة; لأنها إنما تأتى بعد كلام تام، وليست {الخامسة} كلاما تاما.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يصلح أن تكون زائدة; كزيادتها في (كأن) من قوله: [من الطويل] [ ص: 533 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ..................... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم

                                                                                                                                                                                                                                      لأن المعنى: والخامسة أن الحال كذا; والدليل على ذلك قراءة من شدد ونصب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: عصبة منكم : خبر {إن} ، ويجوز نصبها على الحال، ويكون الخبر لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم الكاف من {كبره} ; أراد: عظمه، ومن كسرها; أراد: وزره وإثمه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ولا يتأتل} ; فهو (يتفعل) ، من (الألية) ، وتقدم القول في قراءة من قرأ: {ولا يأتل}.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {يوفيهم الله دينهم الحق}; بالرفع، جعله وصفا لاسم الله عز وجل، ومن نصب; جعله وصفا لـ (الدين) .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية