م20 - وأجمعوا : على أنه يستحب للمعتكف ذكر الله تعالى والصلاة وقراءة القرآن   . 
ثم اختلفوا : في إقرائه القرآن ، أو الحديث ، أو الفقه . 
فقال  مالك  ،  وأحمد   : لا يستحب له ذلك .  [ ص: 441 ] 
وعن  مالك  رواية أخرى ذكرها الجلاب ، فقال : وقال  مالك   : لا بأس أن يكتب المعتكف في المسجد ، وأن يقرأ فيه ، ويقرئ غيره القرآن . 
وقال  أبو حنيفة   والشافعي  يستحب له ذلك . 
وروى  المروذي  ، عن  أحمد  ، في الرجل يقرئ في المسجد ويريد أن يعتكف ، فقال : يقرئ أحب إلي . 
قال القاضي أبو يعلى بن الفراء   : وهذا على أصله ، من أنه لا يستحب للمعتكف أن ينتصب للإقراء ، ولا لدرس العلم ، فينقطع بالاعتكاف عن الإقراء ، فكان الإقراء أفضل من الاعتكاف ، إلا أن منفعة ذلك يتعدى . 
قال الوزير   - رحمه الله - : والذي عندي في ذلك ، أن  مالكا  ، وأحمد لم يريا استحباب أن لا يقرئ المعتكف غيره القرآن في حالة اعتكافه ؛ إلا من حيث إنه بإقرائه غيره ينصرف همه عن تدبر القرآن إلى حفظه على القارئ ، فيكون قد صرف فهمه عن تدبر أسراره لنفسه إلى حفظ ظاهر نطقه لغيره ، وإلا فلا يظن بهما رضي الله عنهما ، أنهما كانا يريان شيئا من عبادات المعتكف يعدل قراءة القرآن في تدبر له ، وهذا كله يشير إلى أن الاعتكاف حبس للنفس ، وجمع الهمة على نفوذ البصيرة في تدبر القرآن ، ومعاني التسبيح ، والتحميد ، والتهليل ، وذكر الله سبحانه وتعالى ، فيكون كل ما جمع من الفكر  [ ص: 442 ] يناسب هذه العبادة ، وكل ما بسط من الفكر ونشر من الهم ينافيها . 
				
						
						
