كافر تارك الصلاة عمدا
وقال بكفر تارك الصلاة جماعة من الصحابة والتابعين .
ففي كتاب «الترغيب والترهيب » للمنذري ، عن عمرو بن حزم : أنه جاء كفر تارك الصلاة عن ، عمر وعبد الرحمن بن عوف ، ، ومعاذ بن جبل . وأبي هريرة
قال المنذري : وقد ذهب جماعة من الصحابة ، ومن بعدهم إلى كفر تارك الصلاة متعمدا حتى خرج وقتها ، منهم : ، ابن مسعود ، وابن عباس . [ ص: 229 ] وابن عمر
ومن غير الصحابة : ، أحمد بن حنبل وإسحق ، . هذا في تركها . وابن المبارك
وقد صنف القحطي في ذلك مؤلفا ، و «كتاب الصلاة » للحافظ ابن القيم في هذه المسألة أحسن مؤلف جمع فيها ، وقد طبع لهذا العصر في بعض بلاد الهند .
وفي كتاب «هداية السائل إلى أدلة المسائل » بحث مستقل في إثبات كفر من ترك الصلاة متعمدا بلا عذر صحيح سائغ في الشرع .
وأما جحودها : فكون ذلك كفر مسألة وفاق بين العلماء .
فكيف بمن ترك التوحيد ، وجحد حق الله تعالى على العبيد ، وجعل المخلوق في مرتبة الخالق ، وسبه بالشرك والتنديد ؟
وقد ورد الوعيد الشديد فيمن تكلم بكلمة من سخط الله ، لا يرى بها بأسا ؛ وفي رواية : ، أي : لا يظن أنها تبلغ به ما بلغت . «لا يريد بها بأسا »
فتفطن لها ؛ فإنها مشدة .
بل في قصة تبوك : إن الذين تكلموا بالكفر ، ونزل فيهم قوله تعالى : لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم [التوبة : 66] : إنهم اعتذروا بالمزح ، واللعب ، والخوض ، ولم يعذروا ، ونزل قوله سبحانه : قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون [التوبة : 65] .
وقد حكم الصحابة بكفر . من استحل الخمر متأولا
لقوله تعالى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [المائدة : 93] ، ومن أولئك قدامة بن مظعون .
لكنهم تابوا ، ورجعوا عما تأولوه ، كما وقع لحاطب بن أبي بلتعة مما ذكره الله في سورة المائدة .
وهم -رضي الله عنه - بقتله لولا ما ذكره من العذر . عمر
ومن ذلك حكم في زمن ابن مسعود بكفر الذين تكلموا في مسجد عثمان بني حنيفة في الكوفة بأن مسيلمة مهيب في دعواه . [ ص: 230 ]
وتكلم -كرم الله وجهه - بكفر الذين غلوا فيه ، واعتقدوا فيه صفات الألوهية ، ثم حرقهم بالنار . علي
فهذه سنة الخلفاء الراشدين المهديين فيمن كان يقول : لا إله إلا الله ، ثم صدر عنه ما ينافيها ، وينتقض بنيانها منه ، وإن كانوا ما بين معتذر ، ومتأول وتائب ، إنما الغرض التكفير ، وأن ذلك كفر ، وشرك ، وإن لم يكونوا من قبل مشركين .
وأما ما حصل بعد الخلفاء : فمن ذلك حكمهم بقتل ، الجعد بن درهم وجهم بن صفوان ؛ لتعطيلهما رب العالمين عن الصفات التي نطقت بها الآيات ، ووردت بها الأحاديث الصحيحات ، ولقولهم : إن القرآن مخلوق ، وإن الأمر أنف ، حتى صار أهل الكلام من فرق الضلال .
وأفتى بتحريمه . الشافعي
وأما أتباع الأئمة الأربعة ، فأقاويلهم في ذلك كثيرة .
وأسلوب كل مذهب أن يجعلوا بابا مستقلا يسمونه : باب الردة ، أو باب حكم المرتد ، ويفسرونه بأنه المسلم الذي كفر بعد إسلامه ، ثم يسردون المكفرات ، ويطيلون فيها المقالات .
ومن أوسعهم في ذلك الحنفية .
وأما الحنابلة : فحصرها بعضهم في أربع مائة مسألة ، كل واحدة تنقض الإسلام ، وتلحق صاحبها بعبدة الأصنام .
والشافعية ، والمالكية : لهم في ذلك مباحث طويلة مثل ذلك.
ولابن حجر الهيتمي المكي مؤلف سماه : «الإعلام بقواطع الإسلام » .
وفي كتابه : «الزواجر عن اقتراف الكبائر » نبذة من هذه.
وفي «مشارق الأنوار » من كتب الشافعية باب طويل من ذلك.
ولابن المقري مؤلفات نحوها ، وشراح «منهاج النووي » أوضحوا تلك المهالك . [ ص: 231 ]
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية ، والشيخ ابن حجر : الإجماع على . كفر من جعل بينه ، وبين الله وسائط يدعوهم ، ويتوكل عليهم
وبعض ما ذكروه في باب الردة ، فهو من مسائل فرعية ، وليست من القواعد الإسلامية ، ولا من أصول السنة الإيمانية .
فما ظنك بمسألة توحيد الله سبحانه بالعبادة التي هي أصل الأصول ، ومركز دائرة أهل المنقول والمعقول ، والقطب الذي يدور عليه الحاصل والمحصول ، والأساس الذي عليه بناء مدينة العلم التي فيها النزول والحلول ، والصراط المستقيم الذي عليه السير والوصول ؟