الإيمان له جزآن
فإن الإيمان له جزآن .
أحدهما : أن يعتقدوا أن الإله إله .
والآخر : أن الرسول رسول .
. ولا يكون الاعتقاد بكون الإله إلها إلا بألا يشرك به شيئا
ولا يتحقق الاعتقاد بكون الرسول رسولا إلا بألا يسلك إلا سبيله .
فالأمر الأول يقال له : التوحيد ، وخلافه يسمى : شركا .
فالأمر الثاني يقال له : اتباع السنة ، ويسمى خلافه : بدعة .
فعلى كل أحد أن يعض على التوحيد واتباع السنة بنواجذه ، ويجتنب الشرك والبدعة بمجامع قلبه .
فإن هذين الشيئين يوقعان الخلل في الإيمان ، وينقصان التصديق والإذعان بخلاف سائر المعاصي والآثام ؛ فإن الإخلال منها إنما هو في فروع الأعمال دون أصل الإيمان .
وما أحق من كمل في التوحيد واتباع السنة ، وفر من الشرك والبدعة ، وأثرت صحبته في ذلك أن يتخذ شيخا ، وأستاذا ، ومعلما كذلك.
وقد عم الشرك في الناس ، وعز التوحيد ، ولا يفهم كثير من الناس معنى الشرك والتوحيد ، وهم يدعون الإيمان ، ويقولون: نحن مؤمنون ، مع أنهم واقعون في شبكة الإشراك ، ومصيده .
فلا بد من أن يعلم معنى الشرك والتوحيد ، ويحقق معناهما على وجه التنقيح دون التقليد . [ ص: 288 ]
فاعلم -رحمك الله تعالى - أن كثيرا من الناس يدعون الأنبياء ، والأئمة ، والشهداء ، والملائكة ، والصلحاء ، والجنيات في الشدائد والمشكلات ، ويطلبون منهم إنجاح المرادات ، وإسعاف الحاجات ، وينذرون لهم ، ويوجبون نذورهم عليهم ، وينسبون أبناءهم وأولادهم إليهم ؛ ليدفعوا بهذا التدبير البلايا والرزايا عنهم.
فمنهم : من يسمي ولده : عبد النبي ، وعلي بخش ، وحسين بخش ، وحسن بخش ، وبير بخش ، ومدار بخش ، وسالار بخش ، وعبد فلان ، وغلام فلان ؛ كغلام محيي الدين ، وغلام معين الدين ، وغلام نقشبند .
ومعنى الغلام هنا عندهم : العبد .
ومنهم : من يتخذ فرعا على رأسه باسم عظيم من العظماء ، ويستعمل خيطا له ، ويلبس على اسمه ثوبا ، ويجعل نكل الحديد في رجله .
ومنهم : من يذبح على اسمهم حيوانا ؛ كالدجاج ، والبقر ، والشاة .
ومنهم : من يستغيث بهم عند الشدائد ، ويناديهم للإغاثة بقوله : واغوثاه ! ونحوه .
ومنهم : من يحلف في أثناء كلامه باسمهم .
إلى غير ذلك من الأفعال الشركية ، والأعمال الكفرية .