معنى التولة
وأما التولة: فهو شيء مصنوع يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.
وبهذا فسره راوي الحديث، كما في «صحيح ابن حبان»، قالوا: يا ابن مسعود أبا عبد الرحمن! هذه الرقى والتمائم قد عرفناها، فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن.
قال الحافظ: «التولة» - بكسر التاء وفتح الواو واللام مخففا -: شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر. والله أعلم.
وإنما كان من الشرك ؛ لما يراد به من دفع المضار، وجلب المنافع من غير الله تعالى وفي حديث ابن حكيم مرفوعا: رواه «من تعلق شيئا، وكل إليه» أحمد، والترمذي، وأبو داود، والحاكم.
قال بعض العلماء: التعلق يكون بالقلب، ويكون بالفعل، ويكون بهما. والمعنى: وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلقه.
فمن تعلق بالله، وأنزل حوائجه به، والتجأ إليه، وفوض أمره كله إليه كفاه، وقرب إليه كل بعيد، ويسر له كل عسير، ومن تعلق بغيره، أو سكن إلى رأيه وعقله، ودوائه، وتمائمه، ونحو ذلك، وكله الله إلى ذلك، وخذله. وهذا معروف بالنصوص والتجارب.
قال تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه [الطلاق: 3] وعن قال: لقيت عطاء الخراساني، وهو يطوف بالبيت، [ ص: 229 ] فقلت: حدثني حديثا أحفظه عنك في مقامي هذا، وأوجز، قال: نعم، أوحى الله إلى وهب بن منبه داود - عليه السلام -: «يا داود! وأما وعزتي وعظمتي! لا يعتصم بي عبد من عبيدي دون خلقي، أعرف ذلك من نيته، فتكيده السماوات السبع ومن فيهن، والأرضون السبع ومن فيهن، إلا جعلت له من بينهن مخرجا.
أما وعزتي وعظمتي! لا يعتصم عبد من عبيدي بمخلوق دوني، أعرف ذلك من نيته، إلا قطعت أسباب السماء من يده، وأسخت الأرض من تحت قدميه، ثم لا أبالي بأي واد هلك». رواه بسنده. أحمد
وروي أيضا رويفع، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا رويفع ! لعل الحياة تطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدا بريء منه». عن
فيه: دليل على وجوب إخبار الناس، وليس هذا مختصا برويفع، بل كل من كان عند علم ليس عنده غيره مما يحتاج إليه الناس، وجب عليه إعلامهم به.
فإن اشترك هو وغيره في علم ذلك، فالبلاغ فرض كفاية. قاله أبو زرعة في «شرح سنن أبي داود».
وفيه أيضا: علم من أعلام النبوة ؛ فإن رويفعا طالت حياته إلى سنة ست وخمسين، فمات سنة 53 ببرقة من أعمال مصر أميرا عليها، وهو من الأنصار. واللحية بكسر اللام لا غيره وجمعها لحى بالكسر والضم -. قاله الجوهري.