والفائدة في قوله : بعيدا   : أن الذهاب عن الجنة على مراتب : أبعدها الشرك بالله تعالى . انتهى . 
فالشرك أقبح الرذائل  ، كما أن التوحيد أحسن الحسنات . 
والسيئات على وجوه ؛ كأكل الحرام ، وشرب الخمر ، والغيبة ، ونحوها ، لكن أسوأ الكل الشرك بالله ، ولذلك لا يغفره . 
وهو جلي ، وخفي -حفظنا الله منهما - . 
وكذا الحسنات على وجوه ، ويجمعها العمل الصالح ، وهو ما أريد به وجه الله . 
وأحسن الكل : التوحيد ؛ لأنه أساس جميع الحسنات  ، وقامع السيئات ، ولذلك لا يوزن . 
قال -عليه الصلاة والسلام - : «كل حسنة يعملها ابن آدم توزن يوم القيامة ،  [ ص: 348 ] إلا شهادة أن لا إله إلا الله ؛ فإنها لا توضع في ميزانه » ؛ لأنها لو وضعت في ميزان من قالها صادقا ، ووضعت السماوات والأرضون السبع ، وما فيهن ، كان لا إله إلا الله أرجح من ذلك. انتهى . 
وقال الخطيب الشربيني   -قدس سره - في تفسيره «السراج المنير » عند تفسير الآية الأولى : إن الله لا يغفر أن يشرك به  ؛ أي : لا يغفر الإشراك به . 
ثم ذكر رواية  ابن عمر   -رضي الله عنهما - في شأن نزولها . 
ثم قال: ولما أخبر بعدله ، أخبر تعالى بفضله ، فقال : ويغفر ما دون ذلك  الأمر الكبير العظيم من كل معصية ، سواء أكانت صغيرة ، أم كبيرة ، وسواء أتاب فاعلها ، أم لا . 
ورهب إعلاما بأنه مختار لا يجب عليه شيء لمن يشاء   . 
وقال  الكلبي   : نزلت هذه الآية في وحشي   . . . إلخ . 
ومن يشرك بالله فقد افترى  ؛ أي : ارتكب إثما عظيما  ؛ أي : كبيرا . 
فالافتراء كما يطلق على القول يطلق على الفعل ، وكذا الاختلاق . 
روي أن رجلا قال: يا رسول الله ! ما الموجبتان ؟ قال: «من مات لا يشرك بالله شيئا ، دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا ، دخل النار  . 
وروى  أبو ذر   : أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة » ، قلت : وإن زنى وإن سرق . . . إلخ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					