ومن خصائص الإلهية : الكمال المطلق من جميع الوجوه ، الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده ، والتعظيم ، والإجلال ، والخشية ، والدعاء والرجاء ، والإنابة ، والتوكل ، والتوبة ، والاستعانة ، وغاية الحب مع غاية الذل ، كل ذلك يجب عقلا ، وشرعا ، وفطرة [ ص: 376 ] أن يكون لله تعالى وحده ، ويمتنع عقلا ، وشرعا ، وفطرة أن يكون لغيره ، فمن فعل شيئا من ذلك لغيره سبحانه ، فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له ، ولا مثل له ، ولا ند له ، وذلك أقبح التشبيه ، وأبطله .
فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه أنه لا يغفره ، مع أنه كتب على نفسه الرحمة .
هذا معنى كلام ابن القيم -رحمه الله - .
قال : وفي الآية رد على الخوارج المكفرين بالذنوب ، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار .
وليس هؤلاء بمؤمنين ، ولا بكفار ، ولا يجوز أن يحمل قوله : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب .
فإن كما قال تعالى : التائب من الشرك مغفور له قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا .
فهاهنا عمم ، وأطلق ؛ لأن المراد به : التائب ، وهناك خص وعلق ؛ لأن المراد به من لم يتب .
هذا ملخص قول شيخ الإسلام ابن تيمية الإمام -رحمه الله تعالى - .
* * * [ ص: 377 ]