وقال تعالى : قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا   [الأعراف : 188] .قال  ابن جرير   : يعني : الهدى والضلالة . 
وهذه الجملة متضمنة لتأكيد ما تقدم قبلها من عدم علمه صلى الله عليه وسلم بالساعة  أيان  [ ص: 419 ] تكون ، ومتى تقع ؟ لأنه إذا كان لا يقدر على جلب نفع له ، أو دفع ضر عنه إلا ما شاء الله   [الأعراف : 188] سبحانه من النفع له ، والدفع عنه ، فبالأولى أن لا يقدر على علم ما استأثر الله بعلمه . 
وفي هذا من إظهار العبودية والإقرار بالعجز عن الأمور التي ليست من شأن العبيد ، والاعتراف بالضعف عن انتحال ما ليس صلى الله عليه وسلم ما فيه أعظم زاجر ، وأبلغ واعظ لمن يدعي لنفسه ما ليس من شأنه ، وينتحل علم الغيب بالنجامة ، أو الرمل ، أو الطرق بالحصى ، أو الزجر . 
قال النسفي   : أي : أنا عبد ضعيف ، لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ، ولا دفع ضر كالمماليك ، إلا ما شاء مالكي من النفع لي ، والدفع عني . 
والاستثناء منقطع ، وبه قال ابن عطية  ، وهو أبلغ في إظهار العجز . 
ثم أكد هذا وقرره بقوله : ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير  ؛ أي : لو كنت أعلم جنس الغيب ، لتعرضت لما فيه الخير ، فجلبته إلى نفسي ، وتوقيت ما فيه السوء ، حتى لا يمسني ، ولكني عبد لا أدري ما عند ربي ، ولا ما قضاه في، وقدره لي ، فكيف أدري غير ذلك وأتكلف علمه ؟ . 
وقيل : المعنى : لو كنت أعلم ما يريد الله -عز وجل - مني من قبل أن يعرفنيه ، لفعلته . 
وقيل : لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب ، لقاتلت فلم أغلب . 
وقيل : لو كنت أعلم الغيب ، لأجبت عن كل ما أسأل عنه . 
وقيل : لو كنت أعلم وقت الموت ، لاستكثرت من العمل الصالح . 
وقيل : لأعددت من الخصب للجدب . 
وقيل غير ذلك. 
والأولى حمل الآية على العموم ، وتندرج هذه الأمور وغيرها تحتها . 
				
						
						
