الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين ، ففيها شاة جذعة من الضأن أو ثنية من المعز .

ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وعشرين وواحدة ففيها شاتان .

إلى مائتي شاة وواحدة فيها ثلاث شياه إلى أربعمائة ففيها أربع شياه .

ثم استقر الحساب في ؛ كل مائة شاة .

التالي السابق


(وأما الغنم) هو اسم جنس يطلق على الضأن والمعز، وقد يجمع على أغنام ولا واحد للغنم من لفظها، قال ابن الأنباري وقال الأزهري: الغنم الشاء الواحدة شاة، وتقول العرب: راح علي غنمان؛ أي: قطيعان من الغنم، كل قطيع مفرد برعي وراع .

وقال الجوهري: الغنم اسم مؤنث موضوع لجنس الشاء يقع على الذكور وعلى الإناث حتى وعليهما جميعا، ويصغر فتدخل الهاء ويقال: غنيمة؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين وصغرت فالتأنيث لازم لها، (فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة جذعة) بالتحريك (من الضأن أو ثنية من المعز) ، وهل يتعين أحد النوعين من الضأن والمعز؟ فيه أوجه، أحدها: يتعين نوع غنم صاحب الإبل المزكي والثني ينبغي غالب غنم البلد، قطع به صاحب المهذب، ونقل عن نص الشافعي: فإن استويا تخير بينهما، والثالث، وهو الصحيح كذا في الروضة وفي شرح المنهاج، وهو الأصح أنه يخرج ما شاء من النوعين، ولا يتعين الغالب، صححه الأكثرون وربما لم يذكروا سواه، ونقل صاحب التقريب نصوصا للشافعي تقتضيه ورجحها، والمذهب أنه لا يجوز العدول عن غنم البلد، وقيل: وجهان؛ فعلى المذهب لو أخرج غير غنم البلد وهي في القيمة خير من غنم البلد أو مثلها أجزأه، إنما يمتنع دونها، وهل يجزئ الذكر منهما أم يتعين الأنثى؟ وجهان؛ أصحهما: يجزئ كالأضحية، وسواء كانت الإبل ذكورا كلها أو إناثا أو مختلطة، وقيل: الوجهان مختصان بما إذا كانت كلها ذكورا وإلا فلا يجزئ الذكر قطعا، والأصح: الإجزاء مطلقا، (ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وعشرين وواحدة) ، وعبارة الوجيز: مائة وواحدة وعشرين، وهكذا هو في الروضة (شاتان) ، ولا شيء فيها، (وإلى) أن تبلغ (مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه) ، ولا شيء فيها (إلى) أن تبلغ (أربعمائة ففيها أربع شياه) وما بينهما أوقاص لا يعتد بها، ووجه في المذهب أنه يعتد بها، وهو قول أبي حنيفة كما تقدم، (ثم استقر الحساب؛ ففي كل مائة شاة) ، وتقدم تفسير الجذعة والثنية في زكاة الإبل، بالذي تقدم اشتهرت كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وعليه انعقد الإجماع .



فصل

وقال أصحابنا: يؤخذ الثني في زكاة الغنم لا الجذع، والثني ما تمت له سنة، والجذع ما أتى عليه أكثرها. هذا تفسير الفقهاء، وعند أهل اللغة ما يخالف ذلك، ويروى عن أبي حنيفة أنه يجزئه الجذع من الضأن، وبه قال صاحباه، وإنما يشترط أن يكون الجذع من الضأن؛ لأنه ينزو فيلقح، والمعز لا يلقح. وجه الظاهر قول علي رضي الله عنه: لا يؤخذ في الزكاة إلا الثني فصاعدا، وتأويل ما روي أنه يجوز بطريق القيمة .

وقال صاحب الهداية: المراد بما روي الجذعة وهي الأنثى، ويؤخذ في زكاة الغنم الذكور والإناث؛ لأن المذكور في الحديث في كل أربعين شاة شاة، واسم الشاة يتناولهما، ولأن الذكر والأنثى في الغنم لا يتفاوتان، فجاز أحدهما كما في البقر بخلاف الإبل؛ لأن الأنثى فيها منصوص عليها وهي بنت اللبون وبنت المخاض والحقة والجذعة، ولأنهما من الإبل يتفاوتان تفاوتا فاحشا فلا يقوم الذكر مقام الأنثى، والله أعلم .




الخدمات العلمية