الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وتؤدى الزكاة من نقد البلد وبه يقوم .

فإن كان ما به الشراء نقدا ، وكان نصابا كاملا كان التقويم به أولى من نقد البلد .

التالي السابق


(وتؤدى الزكاة) أي: زكاة التجارة، وهي ربع العشر (من نقد البلد) ، أما كون واجبها ربع العشر فلا خلاف فيه، وقد تقدم، وأما كونه من القيمة فهو الجديد المشهور، وكما تقدم أيضا، ثم المعتبر في القيمة نقد البلد، (وبه يقوم) أي: فيما يقوم به مال التجارة لرأس المال، أحوال، أحدها: ما أشار إليه المصنف بقوله: (فإن كان ما به الشراء نقدا، وكان نصابا كاملا) بأن اشترى عرضا بمائتي درهم أو عشرين دينارا فيقوم آخر الحول به، و (كان التقويم به أولى من نقد البلد) ، فإن بلغ بها نصابا زكاه وإلا فلا، وإن كان الثاني غالب نقد البلد، ولو قوم به لبلغ نصابا حتى لو اشترى بمائتي درهم عرضا فباعه بعشرين دينارا، وقصد التجارة مستمر، فتم الحول والدنانير في يده، ولا يبلغ قيمتها مائتي درهم فلا زكاة، هذا هو المذهب المشهور، وعن صاحب التقريب حكاية قول: أن التقويم أبدا يكون بغالب نقد البلد، ومنه يخرج الواجب، سواء كان رأس المال نقدا أم لا، وحكى الروياني هذا عن ابن الحداد، الحال الثاني: أن يكون نقدا دون النصاب فوجهان؛ أصحهما: يقوم بذلك النقد، والثاني: بغالب نقد البلد كالعرض الحال، الثالث: أن يملك بالنقدين جميعا، وهو على ثلاثة أضرب: أحدها: أن يكون كل واحد نصابا فيقوم بهما على نسبة التقسيط يوم الملك، وطريقة تقويم أحد النقدين بالآخر، الضرب الثاني: أن يكون كل واحد منهما دون النصاب، فإن قلنا ما دون النصاب كالعرض قوم الجميع بنقد البلد، وإن قلنا كالنصاب قوم ما ملكه بالدراهم بدراهم وما ملكه بالدنانير بدنانير، الضرب الثالث: أن يكون أحدهما نصابا والآخر دونه فيقوم ما ملكه بالنقد الذي هو نصاب بذلك النقد، وما ملكه بالنقد الآخر على الوجهين، وكل واحد من المبلغين يقوم في آخر حوله، وحول المملوك بالنصاب من حين ملك ذلك النقد، وحول المملوك بما دونه من حين ملك العرض، وإذا اختلف جنس المقوم به فلا ضم، الحال الرابع: أن يكون رأس المال غير نقد بأن ملك بغرض قنية أو ملك بخلع أو نكاح بقصد التجارة، وقلنا يصير مال تجارة، فيقوم في آخر الحول بغالب نقد البلد من الدراهم والدنانير، فإن بلغ نصابا زكاه وإلا فلا، وإن كان يبلغ بغيره نصابا فلو جرى في البلد نقدان متساويان، فإن بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر قوم به، وإن بلغ بهما فأوجه: أصحها: يتخير المالك فيقوم بما شاء منهما، والثاني: يراعى الأغبط للمساكين، والثالث: يتعين التقويم بالدراهم؛ لأنها أرفق، والرابع: يقوم بالنقد وغيره، فما قابل الدراهم يقوم بها، وما قابل العرض يقوم بنقد البلد، فإن كان النقد دون النصاب عاد الوجهان .




الخدمات العلمية