وأما الذي يمدح بالعطاء ويدعو بالخير فسيذم بالمنع ويدعو بالشر عند الإيذاء وأحواله متفاوتة .
وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم بعث معروفا إلى بعض الفقراء ، وقال للرسول : احفظ ما يقول ، فلما أخذ قال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ولا يضيع من شكره ، ثم قال : اللهم إنك لم تنس فلانا يعني نفسه ، فاجعل فلانا لا ينساك يعني بفلان نفسه ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .
فسر ، وقال صلى الله عليه وسلم : علمت أنه يقول ذلك فانظر كيف قصر التفاته على الله وحده وقال صلى الله عليه وسلم لرجل : تب ، فقال : أتوب إلى الله وحده ولا أتوب إلى محمد ، فقال صلى الله عليه وسلم : عرف الحق لأهله ولما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قال أبو بكر رضي الله عنه : قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : والله لا أفعل ولا أحمد إلا الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : دعها يا أبا بكر وفي لفظ آخر : أنها رضي الله عنها قالت لأبي بكر رضي الله عنه : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ذلك مع أن الوحي وصل إليها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورؤية الأشياء من غير الله سبحانه وصف الكافرين قال الله تعالى : وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ومن لم يصف باطنه عن رؤية الوسائط إلا من حيث أنهم وسائط فكأنه لم ينفك عن الشرك الخفي سره .
فليتق الله سبحانه في تصفية توحيده عن كدورات الشرك وشوائبه .


