الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وهو الذي عنينا بقولنا كل ليلة ولو نوى بالنهار لم يجزه صوم رمضان ولا صوم الفرض إلا التطوع وهو الذي عنينا بقولنا : مبيتة ولو نوى الصوم مطلقا أو الفرض مطلقا لم يجزه حتى ينوي فريضة الله عز وجل صوم رمضان

التالي السابق


وهل يشترط خلو أوله عن الكفر والحيض والجنون أم يصح صوم من أسلم أو أفاق أو طهرت من الحيض ضحوة ؟ وجهان : أصحهما الاشتراط (وهو الذي عنينا بقولنا : مبيتة) قال في الروضة : تبييت النية شرط في صوم الفرض فلو نوى قبل غروب الشمس صوم الغد لم يصح ولو نوى مع طلوع الفجر لم يصح على الأصح ولا تختص النية بالنصف الأخير من الليل على الصحيح وفي شرح المنهاج : ولو نوى ثم شك هل طلع الفجر أو لا ؟ صح ؛ لأن الأصل بقاء الليل ولو شك نهارا هل نوى ليلا ثم تذكر ولو بعد مضي أكثر النهار أجزأه صومه فإن لم يتذكر بالنهار لم يجزئه لأن الأصل عدم النية ولم تنجبر بالتذكر نهارا أو مقتضى هذا أنه لو تذكر بعد الغروب لم يجزئه والظاهر الإجزاء كما قاله الأذرعي ، ولو شك بعد الغروب هل نوى أو لا ولم يتذكر لم يؤثر وهو المعتمد (ولو نوى الصوم مطلقا أو الفرض مطلقا) من غير تعيين (لم يجزه حتى ينوي فريضة الله تعالى صوم رمضان) أي : يجب تعيين النية في صوم الفرض سواء فيه صوم رمضان والنذر والكفارة وغيرها وحكى صاحب التتمة عن الحليمي أنه يصح صوم رمضان بنية مطلقة ، قال النووي : وهو شاذ وكمال التعيين في رمضان أن ينوي صوما عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى [ ص: 202 ] بإضافة رمضان وأما الصوم وكونه من رمضان فلا بد منهما إلا ما كان من وجه الحليمي المتقدم ، وأما الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى ففيها الخلاف المذكور في الصلاة كذا ذكره الرافعي في كتبه وتبعه النووي في الروضة وظاهره أن يكون الأصح اشتراط الفرضية دون الأداء والإضافة إلى الله تعالى ، لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها هنا وهو المعتمد بخلافه في الصلاة ، وأما رمضان هذه السنة فالمذهب أنه لا يشترط ، وحكى الإمام في اشتراطه وجها وزيفه ، وحكى صاحب التهذيب وجهين في أنه يجب أن ينوي من فرض هذا الشهر أم يكفي فرض رمضان ؟ والصواب الصحيح ما تقدم ، فإنه لو وقع التعرض لليوم لم يضر الخطأ في أوصافه ، فلو نوى ليلة الثلاثاء صوم الغد وهو يعتقده يوم الاثنين ، أو نوى رمضان السنة التي هو فيها وهو يعتقدها سنة ثلاث وكانت سنة أربع فصح صومه ، بخلاف ما لو نوى صوم يوم الثلاثاء ليلة الاثنين ، أو رمضان سنة ثلاث وهو في سنة أربع فإنه لا يصح ؛ لأنه لم يعين الوقت ، وأما صوم التطوع فإنه يصح بنية مطلق الصوم كما في الصلاة وقد عرف مما تقدم أنه لا بد من تعيين النية وبه قال مالك وأحمد في أظهر روايتيه ، وقال أبو حنيفة : لا يجب التعيين فإن نوى نفلا أو مطلقا أجرأه وهي الرواية الأخرى عن أحمد ، وأما وقت النية فتقدم في التبييت وأول وقتها بعد غروب الشمس وآخره طلوع الفجر الثاني وتجب النية قبل طلوعه وهذا هو معنى التبييت وبه قال مالك وأحمد وقال أبو حنيفة : تجوز نيته من الليل ولو لم ينو حتى يصبح ونوى أجزأته النية ما بينه وبين الزوال ، ودليل الجماعة حديث عائشة : "من لم يبيت الصوم قبل الفجر فلا صيام له " أخرجه الدارقطني ، وقال : تفرد به عبد الله بن عباد عن مغفل بن فضالة وأخرجه البيهقي كذلك وقد روي بألفاظ مختلفة عند أرباب السنن والأكثر على وقفه على ابن عمر وعائشة وحفصة ، وقد رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري يبلغ به حفصة : "قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام له " أخرجه البيهقي من هذا الطريق عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة .

ورواه معمر والزبيري وابن عيينة ويونس الأيلي عن الزهري عن حفصة موقوفا عليها وقالوا : ولأنه قيد الجزء الأول لفقد النية إذ الغرض اشتراطه في صحة الصوم ولم توجد في الأجزاء الأول من النهار ففسد الباقي وإن وجد نيته فيه ضرورة عدم انقلاب الفاسد صحيحا وعدم تجزي الصوم صحة وفسادا ، وهذا بخلاف النفل فإنه متجزئ لأنه مبني على النشاط ويدل على هذا الاعتبار حديث عائشة عند مسلم : "قالت : دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا :لا فقال : إني إذا صائم ، ثم أتاني يوما آخر فقلنا : يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال : أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل " .

وأجاب أصحابنا عن حديث حفصة أنه اختلف فيه عن الزهري في رفعه ووقفه واضطرب إسناده اضطرابا شديدا والذين وقفوه أجل وأكثر من عبد الله بن أبي بكر ؛ ولهذا قال الترمذي : وقد روي عن نافع عن ابن عمر من قوله وهو أصح .

وأما حديث عبد الله بن عباد عن مغفل بن فضالة فقد ذكر الذهبي في الضعفاء عن عبد الله بن عباد هذا وقال : واه ، وقال ابن حبان : يقلب الأخبار ، قال : والراوي عنه روح بن الفرج روى عنه نسخة موضوعة ، وفي سنده أيضا يحيى بن أيوب وليس بالقوي واستدلوا بما رواه الأربعة عن ابن عباس : "قال : جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : إني رأيت الهلال -قال الحسن في حديثه يعني هلال رمضان- فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : نعم قال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : يا بلال أذن في الناس فليصوموا " .

ولكن للخصم أن يقول : إن هذا محتمل لكونه شهد في النهار والليل فلا يحتج به واستدل الطحاوي بما في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع : "أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس أن من أكل فليصم بقية يومه ، ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء " فيه دليل على أنه كان أمر إيجاب قبل نسخه برمضان إذ لا يؤمر من أكل بإمساك بقية اليوم إلا في يوم مفروض الصوم بعينه ابتداء بخلاف قضاء رمضان إذا أفطر فيه فعلم أن من تعين عليه صوم يوم ولم ينوه ليلا أنه تجزئه نيته نهارا وهذا بناء على أن عاشوراء كان واجبا فثبت أن الافتراض لا يمنع اعتبار [ ص: 203 ] النية مجزئة من النهار شرعا يلزمه عدم الحكم بفساد الجزء الذي لم يقترن بها في أول النهار من الشارع بل اعتباره موقوفا إلى أن يظهر الحال من وجودها بعده قبل نصف النهار أولا فإذا وجدت ظهر اعتباره عبادة لأنه انقلب صحيحا بعد الحكم بالفساد فبطل ذلك المعنى الذي عينوه ؛ لقيام ما رويناه دليلا على عدم اعتباره شرعا ثم يجب تقديم ما رويناه على مرويهم لقوة ما في الصحيحين بالنسبة إلى ما رواه بعد أن ذكرنا فيه من الاختلاف في صحة رفعه وإن ادعى البيهقي أن عبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه وهو من الثقات فإنه لا يسلم له ذلك مع تصحيح الترمذي وقفه وإذا سلمنا رفعه فهو محمول على نفي الكمال والفضيلة لا الصحة جمعا بين الأخبار أن تتضاد في أمثاله نحو : "لا صلاة لجار المسجد " و"لا وضوء لمن لم يسم " والمراد لم ينو كون الصوم من الليل فيكون الحال وهو من الليل متعلقا بصيام الثانية لا بينوي . . . إلخ ، فحاصله : لا صيام لمن لم يقصد أنه صائم من الليل أو من آخر أجزائه فيكون نص الصحة الصوم من حين نوى من النهار كما قالوه ولو تنزلنا إلى نفي الصحة وجب أن يخص عمومه بما رويناه عندهم مطلقا ، وعندنا لو كان قطعيا خص بعضه خصص به فكيف وقد اجتمع فيه الظنية والتخصيص إذ قد خص منه النفل ويخص أيضا بالقياس ثم الكلام في تعيين أصل ذلك القياس فجعله صاحب الهداية النفل .

ويرد عليه أنه قياس مع الفارق إذ لا يلزم من التخفيف في النفل بذلك ثبوت مثله في الفرض ألا يرى إلى جواز النافلة جالسا بلا عذر وعلى الدابة بلا عذر مع عدمه في الفرض ، والحق أن صحته فرع ذلك النص فإنه لما ثبت جواز الصوم في الواجب المعين بنية من النهار بالنص علم عدم اعتبار فرق بينه وبين النفل في هذا الحكم والقياس الذي لا يتوقف على ذلك قياس النية المتأخرة على المتقدمة من أول الغروب بجامع التيسير ودفع الحرج بيانه أن الأصل أن النية لا تصح إلا إما بالمقارنة أو متقدمة مع عدم اعتراض ما ينافي المنوي بعدها قبل الشروع فيه فإنه يقطع اعتبارها على ما قدمناه في شروط الصلاة ولم تجب فيما نحن فيه المقارنة وهو ظاهر فإنه لو نوى عند الغروب أجزأ ولا عدم تخلل المنافي لجواز الصوم بنية تخلل بينهما وبينه الأكل والشرب والجماع مع انتفاء حضورها بعد ذلك إلى انتهاء يوم الصوم والمعنى الذي لأجله صحت المتقدمة لذلك التيسير ودفع الحرج اللازم لو ألزم أحدهما وهذا المعنى يقتضي تجويزها من النهار للزوم الحرج لو ألزمت من الليل في كثير من الناس كالذي نسيها ليلا وفي حائض طهرت قبل الفجر ولم تعلم إلا بعده وهو كثير جدا فإن عادتهن وضع الكرسف عشاء ثم النوم ثم بعد الفجر وكثيرا ممن تفعل كذا ثم تصبح فترى الطهر وهو محكوم بثبوته قبل الفجر ولذا نلزمها بصلاة العشاء ، وفي صبي بلغ بعده ، وفي مسافر أقام ، وكافر أسلم فيجب القول بصحتها نهارا وتوهم أن مقتضاه قصر الجواز على هؤلاء وإن هؤلاء لا يكثرون كثرة غيرهم بعد عن النظر إذ لا يشترط اتحاد كمية المناط في الأصل والفرع فلا يلزم ثبوت الحرج في الفرع وهو المتأخر بقدر ثبوته في الأصل وهو المتقدم بل يكفي ثبوته في جنس الصائمين كيف والواقع أنه لم يعتبر المصحح الحرج الزائد ولا ثبوته في أكثر الصائمين في الأصل وكذا يجب في الفرع وهذا لأن أكثر الصائمين يكونون مفيقين قريب الفجر فقوم لتهجدهم وقوم لسحورهم فلو لزمت النية قبل الفجر على وجه لا يتخلل المنافي بينها وبينه لم يلزم ذلك حرج في كل الصائمين ولا في أكثرهم بل فيمن لا يفيق إلا بعد الفجر وهو قليل بالنسبة إلى غيرهم ، بخلاف المبيتين قبله إذ يمكنهم تأخير النية إلى ما بعد استيفاء الحاجة من الأكل والجماع فتحصل بذلك نية سابقة لم يتخلل بينها وبين الشروع ما ينافي الصوم من غير حرج بهم فلما لم يجب ذلك علم أن المقصود التيسير بدفع الحرج من كل وجه وعن كل صائم ويلزم المطلوب من شرعيته المتأخرة .

فإن قيل فمن أين اختص اعتبارها بوجودها في أكثر النهار وما رويتم لا يوجبه ؟ قلنا : لما كان ما رويناه واقعة حال لا عموم لها في جميع أجزاء النهار احتمل كون إجازة الصوم في تلك الواقعة لوجود النية فيها في أكثره بأن يكون أمره -صلى الله عليه وسلم- الأسلمي بالنداء كان الباقي من النهار أكثر واحتمل كونها للتجويز من النهار مطلقا في الوجوب فقلنا بالاحتمال [ ص: 204 ] الأول لأنه أحوط خصوصا ومعنا نص يمنعها من النهار مطلقا وعضده المعنى وهو أن الأكثر من الشيء الواحد حكم الكل في كثير من موارد الفقه فعلى اعتبار هذا يلزم اعتبار كل النهار بلا نية لو اكتفى بها في أقله فوجب الاعتبار الآخر وإنما اختص بالصوم فلم نجز مثله في الحج والصلاة لأنه ركن واحد ممتد فبالوجود في أكثره يعتبر قيامها في كله بخلافهما فإنهما أركان فيشترط قرانها بالعقد على أدائها وإلا خلت بعض الأركان عنها فلم يقع ذلك الركن عبادة والله الموفق .



(فصل)

وقال أصحابنا : صوم رمضان يتأدى بمطلق النية وبنية النفل وبنية واجب آخر وكذا يتأدى النذر المعين بجميع ذلك إلا بنية واجب فإنه إذا نوى فيه واجبا آخر يكون عما نوى ولا يكون وقالوا في عدم شرط التعيين في نيته أن رمضان لم يشرع فيه صوم آخر فكان متعينا للفرض والمتعين لا يحتاج إلى التعيين فيصاب بمطلق النية وبنية غيره بخلاف الإمساك بلا نية حيث لا يكون عنه ، خلافا لزفر لأن الإمساك متردد بين العادة والعبادة فكان مترددا بأصله متعينا بوصفه فيحتاج إلى التعيين في المتردد لا في التعيين فيصاب بالمطلق ومع الخطأ في الوصف .



(فصل)

ومن فروع النية عندنا أن الأفضل النية من الليل في الكل ولو وجب عليه قضاء يومين من رمضان واحد الأولى أن ينوي أول يوم وجب قضاؤه من هذا الرمضان وإن لم يعين الأول جاز وكذا لو كانا من رمضانين على المختار حتى لو نوى القضاء لا غير جاز ولو وجب عليه كفارة فطر فصام إحدى وستين يوما عن القضاء والكفارة ولم يعين يوم القضاء جاز وهل يجوز تقديم القضاء على الكفارة ؟ قيل : يجوز وهو ظاهر ولو وجب عليه قضاء رمضان سنة كذا فصام شهرا ينوي القضاء على الشهر الذي عليه غير أنه نوى أنه رمضان سنة كذا لغيره قال أبو حنيفة أنه يجزئه ولو صام شهرا ينوي القضاء عن سنة كذا على الخطأ وهو يظن أنه أفطر ذلك قال : لا يجوز به ولو نوى بالليل أن يصوم غدا ثم بدا له في الليل وعزم على الفطر لم يصبح صائما فلو أفطر لا شيء عليه إن لم يكن رمضان ولو مضى عليه لا يجزئه لأن تلك النية انتقضت بالرجوع ولو قال : نويت صوم غد إن شاء الله تعالى فعن الحلواني يجوز استحسانا .



(فصل في اعتبار التبييت)

قال في الشريعة : يكتب له الصيام حين يبيت من أول الليل كان أو وسطه أو آخره فيتفاضل الصائمون في الأجر بحسب التبييت فالليل في الوصال أيضا محل للصوم ومحل للفطر فصوم الليل على التخيير كصوم التطوع في اليوم والصوم لله في الزمانين فإنه يتبع الصائمين ففي أي وقت انطلق عليك اسم صائم فإن الصوم لله وهو بالليل أوجه لكونه أكثر نسبة إلى الغيب والحق سبحانه- غيب لنا من حيث وعدنا برؤيته ، وهو من حيث أفعاله وآثاره مشهود لنا فالحق على التحقيق في حقنا غيب في شهود وكذلك الصوم غيب في شهود لأنه ترك والترك غير مرئي وكونه منويا فهو مشهود فإذا نواه في أي وقت نواه من الليل فلا ينبغي أن يأكل بعد النية حتى تصح النية مع الشروع فكل ما صام فيه من الليل كان بمنزلة صوم التطوع حتى يطلع الفجر فيكون الحكم عند ذلك لصوم الفرض فيجمع بين التطوع والفرض فيكون له أجرهما ولما كان الصوم لله وأراد أن يتقرب العبد بدخوله فيه واتصافه به إلى الله تعالى كان الأولى أن يبيته من أول الثلث الآخر من الليل أو الأوسط فإن الله يتجلى في ذلك الوقت لعباده في نزوله إلى السماء الدنيا فيتقرب العبد إليه بصفته وهو الصوم فإن الصوم لا يكون لله إلا إذا اتصف به العبد وما لم يتصف به العبد لم يكن ثم صوم يكون لله فإنه في هذا الموطن كالقري لنزول الحق إليه ولما كان الصائم بهذه المثابة كما ذكرنا جزاه بإنابته ولم يجعل ذلك لغيره كما كان الصيام من العبد لله من غير واسطة كان الجزاء من الله للصائم من غير واسطة وفي تلقي سيده بما يستحقه كان إقبال السيد على من هذا فعله أتم إقبال والله غني عن العالمين .




الخدمات العلمية