الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما الاستمناء والأكل والشرب وما عدا الجماع لا يجب به كفارة

التالي السابق


المسألة الثانية : إذا فسد صومه بغير الجماع أشار إليه المصنف بقوله : (أما الاستمناء والأكل والشرب وما عدا الجماع) كالمباشرات المفضية إلى الإنزال (فلا تجب به الكفارة) لأن النص ورد في الجماع وما عداه ليس في معناه وهل تلزمه الفدية ؟ فيه خلاف سيأتي وقال مالك : تجب الكفارة بكل إفساد يعصى به إلا الردة والاستمناء والاستقاء وقال أبو حنيفة : تجب الكفارة بتناول ما يقصد تناوله ولا تجب بابتلاع الحصاة والنواة ولا بمقدمات الجماع ، وقال أحمد : تجب بالأكل والشرب وتجب بالمباشرات المفسدة للصوم ونقل عن الحاوي أن أبا علي بن أبي هريرة قال : تجب بالأكل والشرب كفارة فوق كفارة الحامل والمرضع ودون كفارة المجامع قال أقضى القضاة وهذا [ ص: 221 ] مذهب لا يستند إلى خبر ولا إلى أثر وقياس وأجاز ابن خلف الطبري ، وهو من تلامذة القفال وجوب الكفارة بكل ما أثم بالإفطار به وقال النووي هذان الوجهان غلط وذكر الحناطي أن ابن عبد الحكم روي عنه إيجاب الكفارة فيما إذا جامع دون الفرج فأنزل قال النووي : وهو شاذ .

المسألة الثالثة : تجب الكفارة بالزنا وجماع الأمة وكذلك إتيان البهيمة والإتيان في غير المأتي ولا فرق بين أن ينزل أو لا ينزل وذهب بعض الأصحاب إلى بناء الكفارة فيها على الحد إن أوجبنا الحد فيها أوجبنا الكفارة وإلا فوجهان وعند أبي حنيفة إتيان البهيمة إن كان بلا إنزال لم يتعلق به الإفطار فضلا عن الكفارة وإن كان مع الإنزال أفطر ولا كفارة وفي اللواط هل يتوقف الإفطار على الإنزال ؟ فيه روايتان وإذا حصل ففي الكفارة روايتان والأظهر أن الإفطار لا يتوقف على الإنزال وأن الكفارة تجب وعند أحمد تجب الكفارة في اللواط وكذا في إتيان البهيمة على أصح الروايتين فهذه المسائل الثلاث في الفعل متعلقة بالقيد الثالث في الضابط وهو كون الإفساد بجماع تام فتدخل فيه صورة المسألة الثالثة وتخرج صورة الثانية وأما الأولى فقد قصد بوصف الجماع بالتام الاحتراز عنها لأن المرأة إذا جومعت حصل فساد صومها قبل تمام حد الجماع بوصول أول الحشفة إلى باطنها والجماع يطرأ على صوم فاسد وبهذا المعنى علل أظهر القولين وهو أن المرأة لا تؤمر بإخراج الكفارة ويروى هذا التعليل عن الأستاذ أبي طاهر وطائفة لكن الأكثرين زيفوه وقالوا يتصور فساد صومها بالجماع بأن يولج وهي نائمة أو ساهية أو مكرهة ثم تستيقظ أو تتذكر أو تطاوع بعد الإيلاج وتستديمه والحكم لا يختلف على القولين .




الخدمات العلمية