الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
(وما بعد هذه البقاع الثلاثة) المذكورة (المواضع فيها متساوية) أي : لا يبقى مندوب إليه مقصود لفضل دل الشرع عليه (إلا الثغور) التي بإزاء العدو (فإن المقام بها للمرابطة فيها فيه فضل) دل الشرع عليه ، وللصلاة في مسجدها فضل كذلك لما تقدم من حديث أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=935109nindex.php?page=treesubj&link=24335 "الصلاة في مسجد الرباطات بألف صلاة " (ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لا تشد) بصيغة المجهول ، نفي بمعنى النهي ، لكنه أبلغ منه ؛ لأنه كالواقع بالامتثال لا محالة ، (الرحال) جمع رحل وهو للبعير بقدر سنامه أصغر من القتب كي يشدها عن السفر ؛ إذ لا فرق بين كونه براحلة أو فرس أو حمار أو ماشيا ، فذكر شدها أعلى (إلا إلى ثلاثة مساجد) الاستثناء مفرغ ، والمراد : لا يسافر لمسجد للصلاة فيه إلا لهذه الثلاثة ، لا أنه لا يسافر أصلا إلا لها ، والنهي للتنزيه عند الجمهور خلا من خالف كما سيأتي (مسجد الحرام) بالجر بدل من ثلاثة وبالرفع خبر لمبتدأ محذوف ، وتالياه معطوفان عليه ، والمراد به هنا نفس المسجد لا الكعبة ولا مكة ولا الحرم كله ، وإن كان يطلق على الكل ، [ ص: 286 ] والحرام بمعنى المحرم (ومسجدي هذا) أشار به إلى مسجد المدينة (والمسجد الأقصى) وهو بيت المقدس ، والمقتضي لشرف هذه المواضع الثلاثة لكونها أبنية الأنبياء أو متعبداتهم ، وقيل : لأن الأول إليه الحج والقبلة ، والثاني أسس على التقوى ، والثالث قبلة الأمم الماضية ، ومن ثم لو نذر إتيانها لزمه عند مالك وأحمد وبعض الشافعية ، والصحيح من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الأول يغني عن الآخر ، ومسجد المدينة يغني عن المسجد الأقصى دون مسجد مكة ، وقال أصحابنا : يلزمه إذا نذر المشي لا الإتيان ، وشدها لغير هذه الثلاثة لنحو علم أو زيارة ليس للمكان بل لمن فيه .
قال العراقي : الحديث متفق عليه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأبي سعيد . . أهـ .
قلت : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وعبيد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير من حديث أبي بصرة الغفاري ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12938ابن النجار في تاريخه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، ورواه البارودي nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني أيضا من حديث أبي الجعد الضمري ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في التاريخ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=914738 "لا تشد المطي " وعند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبي يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=914738 "لا تشد رحال المطي إلى مسجد يذكر الله فيه إلا إلى ثلاثة مساجد " .
(تنبيه)
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : أجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=26423موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض ، وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض بعده ، ثم اختلفوا في أيهما أفضل ، فذهب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وبعض الصحابة إلى تفضيل المدينة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأكثر المدنيين ، وذهب أهل الكوفة إلى تفضيل مكة ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13056ابن حبيب وابن وهب من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ولكل دليل ، والله أعلم .