الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا عدو قاهر

التالي السابق


وأشار المصنف إلى الأمن على المال بقوله : (ولا عدو قاهر) فلو كان يخاف على ماله في الطريق من عدو أو رصدي لم يلزمه الحج ، وإن كان الرصدي يرضى بشيء يسير فيلغي ذلك الطريق ، ولا فرق بين أن يكون من يخاف منه مسلمين أو كفارا ، ويكره بذل المال للرصديين ؛ لأنهم يحرصون بذلك على التعرض على الناس ، ولو وجدوا من يبذرقهم بأجرة فهل يلزمهم استئجاره ؟ فيه وجهان : أظهرهما عند الإمام نعم ؛ لأن بذل الأجرة بذل مال بحق ، ورتب عليه لزوم استئجار المحرم على المرأة إذا لم يساعدها بلا أجرة ، وأما أصحابنا فقد اختلفوا في أمن الطريق ، فقال ابن شجاع : هو من شروط الوجوب ؛ لأنه لا يتأتى الحج بدونه ، فصار كالزاد والراحلة ، وهو مروي عن الإمام ؛ لأن الوصول إلى البيت لا يتصور بدونه إلا بمشقة عظيمة ، فصار من جملة الاستطاعة ، وكان القاضي أبو حازم يقول : هو شرط الأداء ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الاستطاعة فسرها بالزاد والراحلة ، ولو كان أمن الطريق من الاستطاعة لبينه ؛ لأنه موضع الحاجة إلى البيان ، فلا تجوز الزيادة في شرط العبادة بالرأي ، ولأن هذا من العباد فلا يسقط به الواجب كالقيد من الظالم لا يسقط به خطاب الشرع وإن طال ، بخلاف المرض ، وثمرة الخلاف تظهر في وجوب الإيصاء ، فمن جعله شرط الأداء يوجبه ، ومن جعله شرط الوجوب لا يوجبه ، والله أعلم .




الخدمات العلمية