الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وليدع بعد ركعتي الطواف وليقل اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى واعصمني بألطافك حتى لا أعصيك وأعني على طاعتك بتوفيقك وجنبني معاصيك واجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إلى ملائكتك ورسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم فكما هديتني إلى الإسلام فثبتني عليه بألطافك وولايتك واستعملني لطاعتك وطاعة رسولك وأجرني من مضلات الفتن .

ثم ليعد إلى الحجر وليستلمه وليختم به الطواف قال صلى الله عليه وسلم : " من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين فله من الأجر كعتق رقبة

التالي السابق


ثم قال المصنف : (وليدع بعد ركعتي الطواف وليقل) في دعائه : (اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى اللهم اعصمني بألطافك حتى لا أعصيك وأعني على طاعتك بتوفيقك وجنبني معاصيك واجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إلى ملائكتك ورسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم وكما هديتني للإسلام فثبتني عليه بألطافك ودلالتك عليه) وفي بعض النسخ وولايتك بدل قوله ودلالتك عليه (واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك وأجرني من مضلات الفتن) هذا الدعاء أخرجه أبو ذر الهروي في منسكه عن ابن عمر أنه كان إذا قدم حاجا طاف بالبيت أسبوعا ثم صلى ركعتين يطيل فيهما الجلوس فيكون جلوسه أطول من قيامه لمدحه ربه وطلبته حاجته يقول مرارا : "اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطواعية رسولك اللهم جنبني حدودك ، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين ، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين ، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى ، اللهم اجعلني أوف بعهدك الذي عاهدت عليه واجعلني من أئمة المتقين ومن ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين " وكان يقول ذلك على الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعلى الجمرتين وفي الطواف وقال الرافعي : ويقول عند الفراغ من ركعتي الطواف وخلف المقام : "اللهم إن هذا بلدك ومسجدك الحرام وبيتك الحرام وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك أتيتك بذنوب كثيرة وخطايا جمة وأعمال سيئة وهذا مقام العائذ بك من النار فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك الحرام وقد جئت إليك طالبا رحمتك مبتغيا رضوانك وأنت مثيب على ذلك فاغفر لي وارحمني إنك على كل شيء قدير . . أهـ .

وفي كتاب مثير العزم لابن الجوزي عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لما أهبط الله عز وجل آدم إلى الأرض طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم قال : اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي . . " إلى آخر الحديث ، وقد تقدم ذكره قريبا وفي رواية أن آدم عليه السلام ركع إلى جانب الركن اليماني ركعتين ثم قال : اللهم [ ص: 359 ] إني أسألك إيمانا يباشر قلبي . . . الحديث ، وقد سبق أيضا وأخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب اليقين عن عون بن خالد قال : وجدت في بعض الكتب أن آدم عليه السلام ركع إلى جانب الركن فذكره وأخرجه الأزرقي أيضا وقد سبق (ثم ليعد إلى الحجر) الأسود (وليستلمه وليختم به الطواف) جاء ذلك في حديث جابر الطويل ما يدل عليه وأخرج الترمذي عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الحجر بعد الركعتين فاستلمه ثم خرج إلى الصفا أظنه قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله وأخرج أحمد عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر وصلى ركعتين ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها ثم صب على رأسه ثم رجع فاستلم الركن ثم خرج إلى الصفا فقال : "أبدأ بما بدأ الله به " .

وأخرج أبو ذر الهروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا إذا قضيا أسبوعهما أتيا الملتزم فاستعاذا به ثم استلما الحجر ثم خرجا وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر كان إذا طاف الطواف الواجب ثم صلى الركعتين ثم أراد الخروج إلى الصفا لم يخرج حتى يستلم الحجر الأسود أو يستقبله (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين فله من الأجر كعتق رقبة ") .

قال العراقي : رواه الترمذي وحسنه النسائي وابن ماجه وقال الآخران : من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة ، وللبيهقي في الشعب : من طاف سبعا وركع ركعتين كان كعتاق رقبة . . أهـ .

قلت : وعند الترمذي في هذا الحديث زيادة وهي قوله : وسمعته يقول : لا يرفع قدما ولا يضع أخرى إلا حط الله بها عنه خطيئة وكتبت له بها حسنة ، وأخرجه البخاري ومسلم بتغيير بعض اللفظ وتقديم وتأخير .

وأخرج ابن حبان هذه الزيادة وزاد : ورفع له بها درجة ، وحديث ابن ماجه أخرجه أبو سعيد الجندي في تاريخ مكة وقال : كعتق رقبة نفيسة من الرقاب ، ولفظ النسائي : من طاف سبعا فهو كعتق رقبة وأخرجه ابن الجوزي في مثير العزم بزيادة : وصلى خلف المقام ركعتين فهو عدل محرر .

وأخرج أبو سعيد الجندي عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفر له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت " ، وأخرجه الواحدي مسندا في تفسيره الوسيط وهو حديث غريب من حديث أبي معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر وأخرج سعيد بن منصور عن مولى لأبي سعيد قال : رأيت أبا سعيد يطوف بالبيت وهو متكئ على غلام له يقال له : طهمان ، وهو يقول : لأن أطوف بهذا البيت أسبوعا لا أقول فيه هجرا وأصلي ركعتين أحب إلي من أن أعتق طهمان .




الخدمات العلمية