الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإذا رمى قطع التلبية والتكبير إلا التكبير عقيب فرائض الصلوات من ظهر يوم النحر إلى عقيب الصبح من آخر أيام التشريق ولا يقف في هذا اليوم للدعاء ، بل يدعو في منزله .

وصفة التكبير أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ، والله أكبر ثم ليذبح الهدي إن كان معه والأولى أن يذبح بنفسه وليقل : بسم الله ، والله أكبر اللهم منك وبك وإليك ، تقبل مني كما تقبلت من خليلك إبراهيم

التالي السابق


(فإذا رمى قطع التلبية والتكبير ) .

وقد تقدم ذلك في حديث ابن عباس في الصحيحين، وفي البدائع للكاساني من أصحابنا فإن زار البيت قبل أن يرمي ويذبح ويحلق قطع التلبية في قول أبي حنيفة، وعن أبي يوسف أنه يلبي ما لم يحلق، أو تزول الشمس من يوم النحر، وعن محمد ثلاث روايات إحداها كأبي يوسف، والثانية رواية ابن سماعة عنه: من لم يرم قطع التلبية إذا غربت الشمس من يوم النحر، والثالثة رواية هشام عنه: إذا مضت أيام النحر، وظاهر روايته مع أبي حنيفة، ولو ذبح قبل الرمي وهو متمتع أو قارن يقطعها في قول أبي حنيفة لا إن كان منفردا لأن الذبح محلل في الجملة في حقهما بخلاف المفرد، وعند محمد لا يقطع إذ لا تحلل به. .... بالرمي والحلق، والله أعلم .

(إلا التكبير عقيب فرائض الصلوات من ظهر يوم النحر إلى عقيب الصبح آخر أيام التشريق ) فإنه سنة، وقد تقدم اختلاف العلماء في ذلك في آخر كتاب أسرار الصلاة عند ذكر عيد الأضحى، (ولا يقف في هذا اليوم للدعاء، بل يدعو في منزله) ، أخرج سعيد بن منصور عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة من بطن الوادي سبع حصيات ولم يقف عندهما (وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده لا إله إلا الله، والله أكبر) ، تقدم ما يتعلق به في فصل صلاة العيدين في أواخر كتاب أسرار الصلاة مفصلا مبسوطا فراجعه، (ثم ليذبح الهدي إن كان معه) فإنه سنة (والأولى به أن يذبحه بيده) .

ففي الصحيحين من حديث أنس، قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده (وليقل: بسم الله، والله أكبر) جاء ذلك في حديث أنس في [ ص: 398 ] الصحيحين الذي تقدم قبله بعد قوله: ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما، (اللهم منك وبك ولك، تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك ) .

رواه أبو داود من حديث أنس وهو الذي سبق ذكره عن الصحيحين وزاد: فلما وجههما قال: إني وجهت وجهي [للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت] ، وأنا من المسلمين، اللهم منك وإليك .

وعن محمد رواية: بسم الله، والله أكبر، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها، ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، وضحى به. وزاد البخاري: ويأكل في سواد .

قال المحب الطبري: في هذه الأحاديث دليل على ذبح الغنم على الوصف المذكور، وعلى استحباب حد المدية، وعلى استحباب التوجيه والتسمية والدعاء، فإن ترك التسمية لم يحرم، وبه قال مالك، وقال أبو ثور، وداوود: التسمية شرط في الإباحة مطلقا، وقال أبو حنيفة: هي شرط في حال الذكر، وعن أحمد الأقوال الثلاثة وما قدر على ذبحه لا يحل إلا بقطع الحلقوم: وهو مجرى النفس في الرقبة، والمريء: وهو مجرى الطعام والشراب، ويستحب قطع الودجين: وهما عرقان في جانبي العنق وقد تقطعان من الحيوان فيبقى، وقال أبو حنيفة: يشترط قطع المريء وكل واحد منهما، وقال مالك: لا بد من قطع هذه الأربعة حكاه عنه صاحب الحاوي، ولو أبان الرأس لم يحرم خلافا لسعيد بن المسيب.




الخدمات العلمية